١ ـ إن البرهان واحد في کل مسألة لايمکن ان يستعمله کل من الفريقين المتنازعين لان الحق واحد على کل حال فاذا کان الحق مع أحد الفريقين فان الفريق الآخر يلتجيء الى سبيل الجدل لتأييد مطلوبه.
٢ ـ إن الجمهور أبعد ما يکون عن ادراک المقدمات البرهانية اذا لم تکن من المشهورات الذايعات بينهم وغرض المجادل على الاکثر افحام خصمه أمام الجمهور فيلتجيء هنا الى استعمال المقدمات المشهنورة بالطريقة الجدلية وان کان الحق في جانبه ويمکنه استعمال البرهان.
٣ ـ إنه ليس کل أحد يقوي على اقامة البرهان أو ادراکه فيلتجيء المنازع الى الجدل لعجزه عن البرهان أو لعجز خصمه عن ادراکه.
٤ ـ إن المبتديء في العلوم قبل الوصول الى الدرجة التي يتمکن فيها من اقامة البرهان على المطالب العلمية يحتاج الى ما يمرّن ذهنه وقوته العقلية على الاستدلال على المطالب بطريقة غير البرهان کما قد يحتاج الى تحصيل القناعة والاطمئنان الى تلک المطالب قبل أن يتمکن من البرهان عليها. وليس له سبيل الى ذلک الا سبيل الجدل.
وبمعرفة هذه الاسباب تظهر لنا قوة الحاجة الى الجدل ونستطيع أن نحکم بأنه يجب لکن من تهمه المعرفة وکل من يريد أن يحافظ على العقائد والآراء أية کانت أن يبحث عن صناعة الجدل وقوانينها وأصولها. والمتکفل بذلک هذا الفن الذي عني به متقدموا الفلاسفة من اليونانيين وأهمله المتأخرون في الدورة الاسلامية اهمالا لا مبرر له عدافئة قليلة من أعاظم العلماء کالرئيس ابن سينا والخواجة نصير الدين الطوسي إمام المحققين.
ـ ٣ ـ
المقارنه بين الجدل والبرهان
قلنا ان الجدل أسلوب آخر من الاستدلال وهو يأتي بالمرتبة الثانية بعد البرهان فلا بد من بحث المقارنة بينهما وبيان ما يفترقان فيه فنقول :