الدّلالة
إذا سمعت طرقة بابك ينتقل ذهنك ـ لاشك ـ إلى أن شخصاً على الباب يدعوك. وليس ذلك إلا لأن هذه الطرقة كشفت عن وجود شخص يدعوك. وإن شئت قلت : إنها (دلت) على وجوده.
إذن ، طرقة الباب (دال) ، ووجود الشخص الداعي (مدلول) وهذه الصفة التي حصلت للطرقة (دلالة).
وهكذا ، كل شيء إذا علمت بوجوده ، فينتقل ذهنك منه إلى وجود شيء آخر نسميه (دالاً) ، والشيء الآخر (مدلولاً) ، وهذه الصفة التي حصلت له (دلالة).
فيتضح من ذلك أن الدلالة هي : «كون الشيء بحالة إذا علمت بوجوده انتقل ذهنك إلى وجود شيء آخر».
أقسام الدلالة
لاشك أن انتقال الذهن من شيء إلى شيء لا يكون بلا سبب. وليس السبب إلا رسوخ العلاقة بين الشيئين في الذهن. وهذه العلاقة الذهنية أيضاً لها سبب. وسببها العلم بالملازمة بين الشيئين خارج الذهن. ولاختلاف هذه الملازمة من كونها ذاتية أو طبعية أو بوضع واضع وجعل جاعل قسموا الدلالة إلى أقسام ثلاثة : عقلية وطبعية ووضعية.
١ ـ (الدلالة العقلية) ـ وهي فيما إذا كان بين الدال والمدلول ملازمة ذاتية في وجودهما الخارجي ، كالأثر والمؤثر. فإذا علم الإنسان ـ مثلاً ـ أن ضوء الصباح أثر لطلوع قرص الشمس ، ورأى الضوء على الجدار ينتقل ذهنه إلى طلوع الشمس