(مثال ثان للموضع) : قولهم : «اذا کان شيء موجودا في وقت أو موضع أو حال أو موضوع او نافع أو جميل فهو مطلقا ممکن أو نافع أو جميل» فهذه القاعدة تسمي موضعا لانه تنشعب منها عدة احکام مشهورة مثل ان يقال : «اذا کذب الرجل مرة فهو کاذب مطلقا» و«اذا کان السياسي يذيع السر في بيته فهو مذيع للسر مطلقا» و«اذا صبر الانسان في حال الشدة فهو صابر مطلقا» و«اذا ملک الانسان العقار فهو مالک مطلقا» ومثل ان يقال : «اذا أمکن الطالب ان يجتهد في مسألة فقهية فالاجتهاد ممکن له مطلقا» و«اذا کان الصدق نافعا في الحال الاعتيادية فهو نافع مطلقا» و«اذا حسنت مجاملة العدو في حال اللقاء فهي حسنة مطلقا» ... وهکذا تتشعب من ذلک الموضع کثير من أمثال هذه الاحکام المشهورة التي هي من جزئياته.
وأکثر المواضع ليست مشهورة وانما الشهرة لجزئياتها فقط. والسر في ذلک :
١ ـ ان تصور العام أبعد عن عقول العامة من تصور الخاص فال بد أن تکون شهرة کل عام أقل من شهرة ما هو أخص منه. لأن صعوبة التصور تستدعي صعوبة التصديق. وهذه الصعوبة تمنع الشهرة وان لم تمنعها فانها تقللها على الاقل.
٢ ـ ان العام يکون في معرض النقض اکثر من الخاص لان نقض الخاص يستدعي نقض العام العام ولا عکس. ولهذا يکون الاطلاع على کذب العام أسهل وأسرع.
ولاجل التوضيح نجرب ذلک في الموضع الاول المذکور آنفا :
فانا عند ملاحظة الاضداد نجد ان السواد والبياض مثلا من الاضداد مع أنهما معا يعرضان على موضوع واحد وهو الجسم لا ان البياض يعرض على نوع من الجسم مثلاو السواد يعرض على ضده کما يقتضيه هذا الموضع.
اذن هذا الموضع کاذب لا قاعدة کلية فيه. فانظر کيف اطلعنا بسهولة على کذب هذا العام.
اما الاحکام المشهورة المنشعبة منه کمثال الاحسان الى الاصدقاء والاساءة الى