المجيب. فينقلب حينئذ المهاجر مدافعا والمدافع مهاجما. وبهذه الطريقة يصبح أکثر تمکنا من الاخذ بزمام المحاورة بل يصبح في الحقيقة هو السائل.
ثانيا اذا عجز عن الطريقة الاولي وهي الالتفاف يحاول ارباک السائل واشغاله بأمور تبعد عليه المسافة کسبا للوقت کيما يعد عدته للجواب الشافي مثل ان يجد في اسئلته لفظا مشترکا فيستفسر عن معانيه ليترکه يفصلها ثم يناقشه فيها. أو هو يتولي تفصيلها ليذکر أي المعاني يصح السؤال عنه وايها لا يصح. وفي هذه قد تحصل فائدة أخري فانه بتفصيل المعاني المشترکة قد تنبثق له طريقة للهرب عما يلزمه به السائل بان يعترف مثلا بأحد المعاني الذي لا يلزم منه نقض وضعه.
ثالثا اذا لم تنجح الطريقة الثانية وهي طريقة الاشغال والارباک يحاول ان استطاع الامتناع من الاعتراف بما يستلزم نقض وضعه. وينبغي ان يعلم انه لا ضير عليه بالاعتراف بالمشهورات اذا کان وضعه مشهورا حقيقيا لانه غالبا لا ينتج المهشور الا مشهورا فال يتوقع من المشهورات ان تنتج ما يناقض وضعه المشهور.
وليس معني الهرب من الاعتراف ان يمتنع من الاعتراف بکل شيء يلقي عليه. فان هذه الحالة قد تظهره امام الجمهور بمظهر المعاند المشاغب فيصبح موضعا للسخرية والنقد بل يحاول الهرب من الاعتراف بخصوص ما يوجب نقض وضعه.
رابعا ـ اذا وجد ان الطريقة الثالثة لا تنفع وهي طريقة الهرب من الاعتراف (وذلک عندما يکون المسؤول عنه الذي يحذر من الاعتراف به مشهورا مطلقا لأن العناد في مثله أکثر قبحا من الالتزام به) فعليه الا يعلن عن انکاره له صراحة لانه لو فعل ذلک في مثله فهو يخسر امام الحاضرين کرامة نفسه وفي نفس الوقت يخسر وضعه الملتزم له. فلا مناص له حينئذ من اتباع أحد طريقين :
(الاول) أن يعلن الاعتراف. ولا ضير عليه لفي ذلک لأنه ان دل على شيء فانما يدل على ضعف وضعه الذي يلتزمه لا على قصور نفسه وعلمه. وهذا وان کان من وجهة يکشف عن قصور نفسه اذ يلتزم بما لا ينبغي الالتزام به ولکن ينبغي له لتلافي ذلک في هذا الموقف (وهو ادق المواقف التي تمر على المجيب المنصف المحب