وهذه الصناعة تتکفل ببيان هذا الاسلوب وکيف يتوصل الى اقناع الناس بالکلام وما لهذا الاسلوب من مساعدات وأعوان من صعود على مرتفع ورفع صوت ونبرات خاصة وما الى ذلک مما سيأتي شرحه.
ـ ٤ ـ
اجزاء الخطابة
الخطابة تشتمل على جزءين : العمود والاعوان.
أ ـ (العمود). ويقصدون بالعمود هنا مادة قضايا الخطابة التي تتألف منها الحجة الاقناعية. وتسمي الحجة الاقناعية باصطلاح هذه الصناعة (التثبيت) على ما سيأتي. وبعبارة أخري : العمود هو کل قول منتج لذاته للمطلوب انتاجا بحسب الاقناع. وانما سمي عمودا فباعتبار انه قوام الخطابة وعليه الاعتماد في الاقناع.
ب ـ (الاعوان). ويقصدون بها الاقوال والافعال والهيئات الخارجية عن العمود المعينة له على الاقناع المساعدة له على التأثير المهيئة للمستمعين على قبوله.
وکل من الامرين (العمود والاعوان) يعد في الحقيقة جزءاً مقوما للخطابة لان العمود وحده قد لا يؤدي تمام الغرض من الاقناع بل على الاکثر يفشل في تحقيقه. والمقصود الاصلي من الخطابة هو الاقناع کما تقدم فکل ما هو مقتض له دخيل في تحققه لا بد أن يکون في الخطابة دخيلا وان کان من الامور الخارجة عن مادة القضايا التي تتألف منه الحجة (العمود).
وقولنا هنا : «مقتض للاقناع» نقصد به أعم مما يکون مقتضيا لنفس الاقناع أو مقنضيا للاستعداد له. والمقتضي لنفس الاقناع ليس العمود وحده کما ربما يتخيل بل شهادة الشاهد أيضا تقتضيه مع انها من الاعوان.
وشهادة الشاهد على قسمين شهادة قول وشهادة حال. فهذه اربعة أقسام ينبغي البحث عنها : العمود والشهادة القولية وشهادة الحال والمقتضي للاستعداد للاقناع.