ومسألة کما قلنا في الجدل : انه ينفع في جميع المسائل الفلسفية والدينية والاجتماعية وجميع الفنون والمعارف. والخطابة کذلک وما يستثني هناک يستثني هنا. ويشترکان أيضا في الغاية فان غاية منهما الغلبة ويشترکان في بعض مواد قضايا هما اذ تدخل المشهورات فيهما کما تقدم.
اما افتراقهما ففي هذه الامور الثلاثة نفسها :
١ ـ في الموضوع فان الخطابة يستثني من عموم موضوعها المطالب العلمية التي يطلب فيها اليقين فان استعمال الاسلوب الخطابي فيها معيب مستهجن اذا کان المخاطب بها الخاصة وان جاز استعمال الاسلوب الجدلي لالزام الخصم وافحامه أو لتعليم المبتدئين. کما انه على العکس لا يحسن من الخطيب ان يستعمل البراهين العلمية والمسائل الدقيقة لغرض الاقناع.
٢ ـ في الغاية فان غاية الجدلي الغلبة بالزام الخصم وان لم تحصل له حالة القناعة. وغاية الخطابة الغلبة بالإقناع.
٣ ـ في المواد فقد تقدم في الکلام عن العمود بيان الفرق فيها اذ قلنا : ان الخطابة تستعمل فيها مطلق المشهورات الظاهرية وفي الجدل لا تستعمل الا الحقيقية.
وهناک فروق أخري لا يهمنا التعرض لها. وسيأتي في باب اعداد المنافرات التشابه بين الجدل والمنافرة بالخصوص والفرق بينهما کذلک.
ـ ١٢ ـ
ارکان الخطابة
ارکان الخطابة المقومة لها ثلاثة : القائل (وهو الخطيب) والقول (وهو الخطاب). والمستمع.
ثم المستمع ثلاثة اشخاص على الاکثر : مخاطب وحاکم ونظارة وقد يکون مخاطبا فقط :