وأحوالها وتکون بصناعة وحيلة. ولذلک يسمي هذا الامر نفاقا ورياء وليس المقصود به أنه يجب ألا تکون له حقيقة کما قد تعطيه کلمة النفاق والرياء.
وهذا الامر مع فرضه من الامور الخارجة عن ذات الخطيب ولفظه فهو له تعلق بأحدهما فهو لذلک على نوعين :
١ ـ ما يتعلق بلفظه والمقصود به ما يخص هيئة اداء اللفظ وکيفية النطق به فان الخطيب الناجح من يستطيع ان يؤدي ألفاظه باصوات ونبرات مناسبة للانفعال النفسي عنده أو الذي يريد ان يتظاهر به ومناسبة لما يريد ان يحدثه في نفوس المخاطبين من انفعالات وان يلقيها بنغمات مناسبة لمقصوده والمعني الذي يريد افهامه للمخاطبين : فيرفع صوته عند موضوع الشدة والغضب مثلا ويخفضه عند موضع اللين ويسرع به مرة ويتأني أخري وبنغمة محزنة مرة ومفرحة أخري ... وهکذا حسب الانفعالات النفسية وحسب المقاصد.
وقد قلنا سابقا في الاستدراجات ان هذه أمور ليس لها قواعد مضبوطة ثابتة بل هي تنشأ من موهبة يمنحها الله تعالي من يشاء من عباده تصقل بالمران والتجربة.
وعلى کل حال ينبغي ان يکون الالقاء معبرا عما يجيش في نفس الخطيب من مشاعر وحالات نفسية أو يتکلفها ومعبرا عما يريد أن يحدثه في نفوس المخاطبين کما ينبغي ان يکون معبرا أيضا عن مقاصده واغراضه الکلامية فان جملة واحدة قد تلقي بلهجة استفهام وقد تلقي نفسها بلهجة خبر من دون احداث أي تغيير في نفس الالفاظ والفرق يحصل بالنغمة واللهجة.
وهذه القدرة على تأدية الکلام المعبر بلهجاته ونغماته ونبراته شرط اساس لنجاح الخطيب اذ بذلک يستطيع ان يمتزج بارواح المستمعين ويبادلهم العواطف ويجذبهم اليه. والقاء الکلام الجامد لا يثير انفعالاتهم ولا تتفتح له قلوبهم ولا عقولهم بل يکون على العکس مملا مزعجا.
٢ ـ ما يتعلق بالخطيب وهو ما يخص معرفته عند المستمعين وهيئته ومنظره