وتصبح تافهة باهتة لا تهتز النفس لها. بل قد يؤثر تکرارها الملل والاشمئزاز.
واذا قيل في بعض الشعر انه «هو المسک ما کررته يتضوع» فهو من مبالغات الشعراء. واذا صح ذلک فيمکن ذلک لاحد وجهين : (الاول) ان يکون فيه من المزايا والنکات ما لا يتضح لاول مرة أولا يتمثل للنفس جيدا فاذا تکررت قراءته استمري أکثر وانکشفت مزاياه بصورة أجلي فتتجدد قيمته بنظر المستمع. (الثاني) ان عذوبة اللفظ وجزالته لا تفقد مزيتها بالتکرار وليست کالتخييل.
قد تقدم ان قوام الشعر بثلاثة أمور : الوزن والالفاظ والمعاني المخيلة فلا بد لمن يريد أن يقن صناعة الشعر من الرجوع الى القواعد التي تضبط هذه الامور فنقول :
أما (الوزن والألفاظ) فلها قواعد مضبوطة في فنون معروفة يمکن الرجوع اليها وليس في علم المنطق موضع ذکرها لان المنطق انما يهمه النظر في الشعر من ناحية تخييلية فقط.
واما (الوزن) من ناحية ماهيته فانما يبحث عنه في علم الموسيقي. ومن ناحية الستعماله وکيفيته فيبحث عنه في علم العروض.
واما (الالفاظ) فيهي من شأن علوم اللغة وعلوم البلاغة والبديع.
وعلى هذا فلا بد للشاعر من معرفة کافية بهذه الفنون اما بالسليقة أو بالتعلم والممارسة مع ذوق يستطيع به ان يدرک جزالة اللفظ وفصاحته ويفرق بين الالفاظ من ناحية عذوبتها وسلاستها. والناس تتفاوت تفاوتا عظيما في أذواقها وان کان لکل امة ولکل أهل لغة ذوق عام مشترک. وللممارسة وقراءة الشعر الکثير الاثر الکبير في تنمية الذوق وصقله.
أما (القضايا المخيلات) فليس لها قاعدة مضبوطة يمکن تحريرها والرجوع اليها لانها ليست من قبيل القضايا المشهورات والمظنونات يمکن حصرها وبيان أنواعها اذ القضايا المخيلات کما سبق کلما کانت بعيدة نادرة وغريبة مستبعدة