يدرک الانسان مفهوم الموجودات التي يحسّ بها ، مثل : محمد. هذا الکتاب. هذا القلم. هذه الوردة. بغداد. النجف ... واذا تأملها يجد کل واحد منها لا ينطبق على فرد آخر ، ولا يصدق الا على ذلک الموجود وحده. وهذا هو المفهوم (الجزئي). ويصح تعريفه بأنّه : «المفهوم الذي يمتنع صدقه على أکثر من واحد».
ثم ان الانسان اذا رأى جزئيات متعددة ، وقاس بعضها الى بعض ، فوجدها تشترک في صفة واحدة انتزع منها صورة مفهوم شامل ينطبق على کل واحد منها. وهذا المفهوم الشامل أو (الصورة المنتزعة) هو المفهوم (الکلي). ويصح تعريفه بأنه «المفهوم الذي لا يمتنع صدقه على اکثر من واحد».
مثل مفهوم : انسان. حيوان. معدن. ابيض. تفاحة. حجر. عالم. جاهل. جالس في الدار. معترف بذنبه.
تکملة تعريف الجزئي والکلي
لا يجب أن تکون أفراد الکلي موجودة فعلاً : فقد يتصور العقل مفهوماً کلياً صالحاً للانطباق على اکثر من واحد من دون ان ينتزعه من جزئيات موجودة بالفعل ، وانما يفرض له جزئيات يصح صدقه عليها ، بل قد يمتنع وجود حتي فرد واحد له مثل مفهوم «شريک الباري» ، ومفهوم «اجتماع النقيضين». ولا يضر ذلک في کليته.
وقد لا يوجد له الا فرد واحد ويمتنع وجود غيره ، مثل مفهوم «واجب الوجود» ، لقيام البرهان على ذلک ، ولکن العقل لايمنع من فرض أفراد لو وجدت لصدق عليها هذا المفهوم. ولو کان مفهوم «واجب الوجود» جزئياً ، لما کانت حاجة الى البرهان على التوحيد ، وکفي نفس تصور مفهومه لنفي وقوع الشرکة فيه. وعليه فهذا الانحصار في فرد واحد انما جاء من قبل أمر خارج عن نفس المفهوم ، لا أن نفس المفهوم يمتنع صدقه على أفراد کثيرة.