التعريف
تمهيد :
کثيراً ما تقع المنازعات في المسائل العلمية وغيرها حتي السياسية لاجل الاجمال في مفاهيم الالفاظ التي يستعملونها فيضطرب حبل التفاهم لعدم اتفاق المتنازعين على حدود معني اللفظ فيذهب کل فرد منهم الى ما يختلج في خاطره من المعني. وقد لا تکون لأحدهم صورة واضحة للمعني مرسومة بالضبط في لوحة ذهنه فيقنع لتساهله أو لقصور مدارکه بالصورة المطموسة المضطربة ويبني عليها منطقه المزيف.
وقد يتبع الجدليون والساسة عن عمد وحيلة ألفاظاً خلابة غير محدودة المعني بحدود واضحة يستغلون جمالها وابهامها للتأثير على الجمهور وليترکوا کل واحد يفکر فيها بما شاءت له خواطره الخاطئة أو الصحيحة فيبقي معني الکلمة بين أفکار الناس کالبحر المضطرب. ولهذا تأثير سحري عجيب في الافکار.
ومن هذه الالفاظ کلمة (الحرية) التي أخذت مفعولها من الثورة الفرنسية واحداث الانقلابات الجبارة في الدولة العثمانية والفارسية والتأثير کله لاجمالها وجمالها السطحي الفاتن والا فلا يستطيع العلم أن يحدها بحد معقول يتفق عليه
ومثلها کلمة (الوطن) الخلابة التي استغلها ساسة الغرب لتمزيق بعض الدول الکبري کالدولة العثمانية. وربما يتعذر على الباحث أن يعرف أثنين کانا يتفقان على معني واحد واضح کل الاتفاق يوم ظهور هذه الکلمة في قاموس النهضة الحديثة : فما هي مميزات الوطن؟ أهي اللغة أم لهجتها ام اللباس ام مساحة الارض ام اسم القطر والبلد؟ بل کل هذا غير مفهوم حتي الآن على وجه تتفق عليه جميع الناس والامم. ومع ذلک نجد کل واحد منا في البلاد العربية يدافع عن وطنه فلماذا لاتکون البلاد العربية أو البلاد الاسلامية کلها وطناً واحداً؟