[فخرج] فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال :
أمّا بعد ، فاتّقوا الله عباد الله ولا تسارعوا إلى الفتنة والفرقة ، فإنّ فيهما يهلك الرجال وتسفك الدماء ، وتغصب الأموال ... إنّي لمْ أقاتل مَن لمْ يُقاتلني ولا أثب على مَن لا يثب عليّ ، ولا أشاتمكم ولا أتحرّش بكم ، ولا آخذ بالقذف ولا الظنّة ولا التهمة ، ولكنّكم إنْ أبديتم صفحتكم لي ونكثتم بيعتكم وخالفتم إمامكم ، فوالله ، الذي لا إله غيره لأضربنّكم بسيفي ما ثبت قائمة في يدي ، ولو لمْ يكن لي منكم ناصراً أمَا إنّي أرجو أنْ يكون مَن يعرف الحقّ منكم أكثر ممّن يرديه الباطل.
فقام إليه عبد الله بن مسلم بن سعيد الحضرمي (١) ـ حليف بني اُميّة ـ فقال :
إنّه لا يصلح ما ترى إلاّ الغشم [أي : الظلم] ، إنّ هذا الذي أنت عليه فيما بينك وبين عدوّك رأي المستضعفين.
فقال [النّعمان بن بشير] :
أنْ أكون من المستضعفين في طاعة الله أحبّ إليّ من أنْ أكون من الأعزّين في معصية الله ، ثمّ نزل.
وخرج عبد الله بن مسلم وكتب إلى يزيد بن معاوية :
أمّا بعد ، فإنّ مسلم بن عقيل قد قدم الكوفة فبايعته الشيعة للحسين بن علي (ع) ، فإنْ كان لك بالكوفة حجّة فابعث إليها رجلاً قويّاً ينفّذ أمرك ، ويعمل مثل عملك في عدوّك ؛ فإنّ النّعمان بن بشير رجل ضعيف ، أو هو يتضعّف.
ثمّ كتب إليه عمارة بن عقبة (٢) بنحو من كتابه.
_________________
فصعد المنبر ...
(١) جاء اسمه في الشهود على حجر بن عدي : عبد الله بن مسلم بن شعبة الحضرمي ٥ / ٢٦٩.
(٢) هو : أخو الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، خرج هو وأخوه الوليد من مكّة إلى المدينة يسألان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنْ يردّ عليهما أختمها اُمّ كلثوم المهاجرة بعهد الحديبيّة ، فأبى ٢ / ٦٤٠ ،