أمّا بعد ، فإنّ الرائد لا يكذب أهله ، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفاً ، فعجّل الإقبال حين يأتيك كتابي ؛ فإنّ النّاس كلّهم معك ، ليس لهم في آل معاوية رأي ولا هوى. والسّلام.
وكان [ذلك] قبل أنْ يُقتل لسبع وعشرين ليلة (١)
[تجسّس معقل الشامي على مسلم (عليه السّلام)]
ودعا ابن زياد مولى له ، يقال له : معقل (٢). فقال له : خذ ثلاثة الآف درهم ، ثمّ اطلب مسلم بن عقيل واطلب لنا أصحابه ، ثمّ أعطهم هذه الثلاثة الآف ، فقل لهم : استعينوا بها على حرب عدوّكم ، وأعلمهم أنّك منهم ، فانّك لو أعطيتها إيّاكم طمأنّوا إليك ووثقوا بك ، ولمْ يكتموك شيئاً من أخبارهم ، ثمّ اغد عليهم ورح.
فجاء [معقل] حتّى أتى إلى مسلم بن عوسجة الأسدي (٣) في المسجد الأعظم ، وهو يصلّي و [كان] سمع النّاس ، يقولون : إنّ هذا يبايع للحسين (عليه السّلام). فجاء حتّى فرغ من صلاته ، ثمّ قال : يا عبد الله ، إنّي امرؤ من أهل الشام مولى لذي الكلاع ، أنعم الله عليّ بحبّ أهل هذا البيت وحبّ مَن أحبّهم ، فهذه ثلاثة الآف درهم أردت بها لقاء رجل منهم بلغني أنّه قدم الكوفة
_________________
(١) قال أبو مِخْنف : وحدّثني محمّد بن قيس ٥ / ٣٩٥.
(٢) وروى الطبري : عن عيسى بن يزيد الكناني : أنّ مسلم بن عقيل قدم قبل ابن زياد بليلة واخبر ابن زياد بذلك وأنّه بناحية الكوفة ، فدعا مولى لبني تميم فأعطاه مالاً ، وقال : انتحل هذا الأمر وأعنهم بالمال ، واقصد لهانئ ومسلم وأنزله عليه ٥ / ٣٦٠.
(٣) قال شبث بن ربعي لبعض مَن حوله من أصحابه : إذ تنادوا بقتل مسلم بن عوسجة ثكلتكم اُمّهاتكم ، إنّما تقتلون أنفسكم بأيديكم وتذللون أنفسكم لغيركم ، تفرحون أنْ يقتل مثل مسلم بن عوسجة! أمَا والذي أسلمت له ، لربّ موقف له قد رأيته في المسلمين كريم ، لقد رأيته يوم سلق آذربايجان قتل ستة من المشركين قبل تتامّ خيول المسلمين ، أفيُقتل منكم مثله وتفرحون؟! ٥ / ٤٣٦.