يبايع لابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه [وآله]) ، وكنت أريد لقاءه فلمْ أجد أحداً يدلّني عليه ولا يعرف مكانه ، فإنّي لجالس آنفاً في المسجد إذ سمعت نفراً من المسلمين يقولون : هذا رجل له علم بأهل هذا البيت ، وإني أتيتك لتقبض هذا المال وتدخلني على صاحبك فأبايعه ، وإنْ شئت أخذت بيعتي له قبل لقائه.
فقال [له مسلم بن عوسجة] : أحمد الله على لقائك إيّاي ، فقد سرّني ذلك ؛ لتنال ما تحبّ ولينصر الله بك أهل بيت نبيّه ، ولقد ساءني معرفتك إيّاي بهذا الأمر من قبل أنْ ينمى مخافة هذا الطاغية وسطوته. فأخذ بيعته قبل أنْ يبرح وأخذ عليه المواثيق المغلظة ليناصحنّ وليكتمنّ ، فأعطاه من ذلك ما رضي به. ثمّ قال : اختلف إليّ أيّاماً في منزلي فأنا طالب لك الإذن على صاحبك. فطلب له الإذن فأخذ يختلف مع النّاس (١).
[مؤتمر قتل ابن زياد]
مرض هانئ بن عروة فجاء عبيد الله [ابن زياد] عائداً له ، فقال له عمارة بن عبيد السّلولي (٢) : إنّما جماعتنا وكيدنا قتل هذا الطاغية ، فقد أمكنك الله منه فاقتله. قال هانئ : ما أحبّ أنْ يُقتل في داري [فعاده ابن زياد و] خرج.
فما مكث إلاّ جمعة حتّى مرض شريك بن الأعور [الحارثي] ، وكان كريماً على ابن زياد وعلى غيره من الامرء ، وكان شديد التشيّع ، فأرسل إليه عبيد الله [ابن زياد] إنّي رائح إليك العشيّة. فقال [شريك] لمسلم : إنّ هذا الفاجر
_________________
(١) عن أبي مِخْنف عن المعلّى بن كليب ، عن أبي السوّاك ، قال : ٥ / ٣٦١ ، الإرشاد / ٢٠٧ ، والخواص / ٢٠١.
(٢) هو : من رُسل أهل الكوفة إلى الإمام (عليه السّلام) بمكّة بثلاث وخمسين صحيفة ، وسرّحه الإمام مع مسلم بن عقيل وقيس بن مسهر الصيداوي ، وعبد الرحمن الأرحبي إلى الكوفة ٥ / ٣٤٣ ـ ٣٤٤.