[هانئ يُدعى إلى ابن زياد]
فأتوه حتّى وقفوا عليه عشيّة ، وهو جالس على بابه ، فقالو : ما يمنعك من لقاء الأمير ، فإنّه قد ذكرك وقال : لو أعلم أنّه شاك لعدته؟ ، فقال لهم : الشكوى تمنعني. فقالوا له : يبلغه أنّك تجلس كلّ عشيّة على باب دارك ، وقد استبطأك والإبطاء والجفاء لا يحتمله السّلطان ، أقسمنا عليك لمّا ركبت معنا.
فدعا بثيابه فلبسها ، ثمّ دعا ببغله فركبها حتّى إذا دنا من القصر ، كأنّ نفسه أحسّت ببعض الذي كان ، فقال لحسّان بن خارجة : يابن أخي إنّي والله ، لهذا الرجل لخائف! فما ترى؟ قال : أي عمّ والله ، ما أتخوّف عليك شيئاً ، ولِمَ تجعل على نفسك سبيلاً وأنت بريء؟
فدخل القوم على ابن زياد ودخل معهم ، فلمّا طلع [على ابن زياد] ، قال عبيد الله [ابن زياد] : أتتك بحائن رجلاه (١) ، فلمّا دنا من ابن زياد و [كان] عنده شريح القاضي (٢) التفت نحوه ، فقال :
_________________
المرادي ونمير بن وعلة ، عن أبي الودّاك ٥ / ٣٦١ ـ ٣٦٤ ، وفي الإرشاد / ٢٠٨.
(١) الحائن : الأحمق ، وهو : مثل يُضرب لمثل المقام. وأخطأ مَن كتب : بخائن ، الفاخر / ٢٥١.
(٢) شريح بن الحارث الكندي : استقضاه عمر على الكوفة سنة (١٨ هـ) ٤ / ١٠١. وكان من المحرّضين لنصرة عثمان في أهل الكوفة ٤ / ٣٥٢. وكُتب في الشهود على حجر بن عدي شريح بن الحارث القاضي ، فكان يقول : سألني زياد عنه ، فأخبرته أنّه كان صوّاماً قوامّاً ٥ / ٢٧٠. واستشاره زياد لقطع يده المجذومة ، فأشار عليه بعدم القطع فلاموه فقال ، قال رسول الله (ص) : «المستشار مؤتمن» ٥ / ٢٨٩. وأراده ابن الزبير لقضاء الكوفة فأبى عليه ٥ / ٥٨٢ ، ولكنّه قبل القضاء للمختار ، فلمّا سمع أنّ أصحاب المختار يقولون فيه : أنّه كان عثمانياً ، وأنّه ممّن شهد على حجر بن عدي ، وأنّ علي بن أبي طالب عزله عن القضاء ، وأنّه لمْ يبلّغ عن هانئ ما أرسله به ؛ تمارض فجعل المختار مكانه عبد الله بن عتبة بن مسعود ، ثمّ عبد الله بن مالك الطائي ٦ / ٣٤ ، وبعد المختار قبل القضاء لابن الزبير ٦ / ١٤٩ واستعفى الحجّاج من القضاء ، وأشار عليه