صار أمر هانئ. قال فلمّا ضُرب وحُبس ركبت فرسي وكنت أوّل أهل الدار ، دخل على مسلم بن عقيل بالخبر ، وإذا نسوة لمراد مجتمعات ، ينادين : يا عشيرتاه! يا ثكلاه! فدخلت على مسلم بن عقيل بالخبر فأمرني أنْ أنادي في أصحابه : يا منصور أمتْ. وقد ملأ الدور حوله وقد بايعه ثمانية عشر ألفاً ، وفي الدور أربعة الآف رجل ، فناديت : يا منصور أمت ، وتنادى أهل الكوفة فاجتمعوا إليه.
فعقد مسلم (عليه السّلام) لعبيد الله بن عمرو بن عزيز الكندي على ربع كندة وربيعة ، وقال : سر أمامي في الخيل. ثمّ عقد لمسلم بن عوسجة الأسدي على ربع مذحج وأسد ، وقال : انزل في الرجال فأنت عليهم. وعقد لأبي ثمامة الصائدي على ربع تميم وهمدان ، وعقد لعبّاس بن جعدة الجدلي (١) على ربع المدينة ، وأقبل مسلم يسير في النّاس من مراد.
[اجتماع الأشراف بابن زياد]
وأقبل أشراف النّاس يأتون ابن زياد من قبل الباب الذي يلي دار الروميّين (٢).
ودعا عبيد الله [ابن زياد] كثير بن شهاب بن الحصين الحارثي (٣) ، فأمره
_________________
(١) نرى : على ميسرة جيش المختار المبعوث إلى المدينة لقتال ابن الزبير ، مَن يُدعى : عيّاش بن جعدة الجدلي ، وعند انهزامهم أمام أصحاب ابن الزبير لمْ يدخل في راية أمانه هو وثلثُمئة معه ، فلمّا وقعوا في أيديهم ، قُتلوا إلاّ نحواً من مئتي رجل مات أكثرهم في الطريق ٦ / ٧٤.
وحيث لمْ نجد لعبّاس أو عيّاش الجدلي أيّ ذكر غير هذا ، وبقرينة وفائه للمختار يستعبد أنْ يكونا شخصين ، ويرجح أنْ يكون شخصاً واحداً ، إمّا باسم : العبّاس أو : العيّاش. بقي بعد مسلم حتّى خرج مع المختار فقُتل أو مات هناك.
(٢) من هنا يُعلم : أنّ دار الروميّين كان يلي خلف دار الإمارة ، وحيث كانوا مع أهل الذمة تستّربهم ابن زياد للخروج والولوج إلى القصر ، وفات أصحاب مسلم (عليه السّلام) أنْ يسدّوا ذلك الوجه والمنفذ.
(٣) كان ممّن كتبت شهادته على حجر بن عدي ٥ / ٢٦٩ وحمل حجر وأصحابه إلى معاوية