المختار : ما وقوفك ها هنا ، لا أنت مع النّاس ولا أنت في رحلك؟ قال : أصبح رأيي مرتجّاً لعظم خطيئتكم. فقال له : أظنّك والله ، قاتلاً نفسك. ثمّ [أقبل إلى] عمرو بن حريث فأخبره [خبره] (١).
[موقف المختار]
قال عبد الرحمن بن أبي عمير الثقفي (٢) كنت جالساً عند عمرو بن حريث حين بلّغه هانئ بن أبي حيّة عن المختار هذه المقالة ، فقال لي [ابن حريث] : قم إلى عمّك فأخبره أنّ صاحبه [يعني : مسلم بن عقيل (عليه السّلام)] لا يدرى أين هو؟ فلا يجعلنّ على نفسه سبيلاً. فقمت لآتيه.
ووثب إليه زائدة بن قدامة بن مسعود (٣) فقال له : يأتيك على أنّه آمن؟
فقال له عمرو بن حريث : أمّا منّي فهو آمن ، وإنْ رقّى إلى الأمير عبيد الله بن زياد شيء من أمره ، أقمت له بمحضره الشهادة وشفعت له أحسن الشفاعة.
فقال له زائدة بن قدامه : لا يكوننّ مع هذا إنْ شاء الله إلاّ خيراً.
قال عبد الرحمن : فخرجت ، وخرج معي زائدة إلى المختار فأخبرناه وناشدناه بالله ، أنْ لا يجعل على نفسه سبيلاً.
_________________
(١) ٥ / ٥٦٩. قال أبو مِخْنف ، قال : النّضر بن صالح ...
(٢) كان مع المختار في نهضته سنة (٦٧ هـ) ٦ / ٩٨. والظاهر : أنّه هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان الثقفي ، ابن أخت معاوية اُمّ الحكم الذي استعمله معاويه على الكوفة سنة (٥٨ هـ) بعد الضحّاك ابن قيس. وكان على شرطته زائدة بن قدامة الثقفي ٥ / ٣١٠ وقبل ذلك كان عامل الموصل لمعاوية سنة (٥١ هـ). وهو الذي قتل عمرو بن الحمق الخزاعي ، يزعم قصاصاً لعثمان ، وكان مريضاً ٥ / ٢٦٥.
وأساء السّيرة في أهل الكوفة فطردوه فلحق بمعاوية خاله ، فولاّه مصراً فطردوه عنها ، فرجع إلى معاوية ٥ / ٣١٢ ، ولو لا قرابته من يزيد لمَا نفعه ابن حريث.
(٣) سبقت ترجمته في المقدّمة ، فراجع.