ردّ شعاع النّفس (١) فاستقرّا |
|
أخاف أن أكذب أو أغرّا |
[أسر مسلم (عليه السّلام) بحيلة الأمان]
فقال له محمّد بن الأشعث : إنك لا تُكّذب ولا تُخدع ولا تّغرّ ، إنّ القوم بنو عمّك وليسوا بقاتليك ولا ضاربيك. وأُثخن بالحجّارة وعجز عن القتال ، فأسند ظهره إلى جنب تلك الدار ، فدنا محمّد بن الأشعث ، فقال : لك الأمان. فقال [مسلم] : آمن أنا؟ قال : نعم ، وقال القوم : [نعم] ، أنت آمن. وقال ابن عقيل : أمَا لو لمْ تؤمّنوني ما وضعت يدي في أيديكم ، [فعلم أنّه استسلم للأمان].
وأُتي ببغلة فحُمل عليها ، واجتمعوا حوله وانتزعوا سيفه من عنقه ، فكأنّه آيس من نفسه فدمعت عيناه ، ثمّ قال : هذا أوّل الغدر.
قال محمّد بن الأشعث : أرجو أنْ لا يكون عليك بأس.
قال : ما هو إلاّ الرجاء ، أين أمانكم! إنّا لله وإنا إليه راجعون ، وبكى.
فقال له عمرو بن عبيد الله بن عبّاس [السلمى الذي كان على الرجال المبعوثين إليه] : إنّ مَن يطلب مثل الذي تطلب ، إذا نزل به مثل الذي نزل بك لمْ يبك.
قال : إنّي والله ، ما لنفسي أبكي ولا لها من القتل أرثي ، وإنْ كنت لمْ أحبّ له طرفة عين تلفاً ، ولكن أبكي لأهلي المقبلين إليّ ، أبكي لحسين وآل
_________________
(١) فيما بأيدينا من نسخ الطبري وغيره من الكتب ، جاء شعاع النّفس : شعاع الشمس. وذكر الشيخ السّماوي في إبصار العين / ٤٩ : إنّ ذلك تصحيف ممّن لمْ يفهم شعاع النّفس ، فرأى : أنّ الشعاع بالشمس أليق ؛ والمراد بشعاع النّفس : خوف النّفس ، يقال : مارت نفسه شعاعاً ، أي : تفرقت نفسه كلشعاع الدقيق من الخوف ، فإنّ الشعاع هو المتفرق من الشيء تفرقاً دقيقاً ، وقد جاء في الشعر :
أقول لها وقد طارت شعاعاً |
|
من الأبطال ويحك لا تراعى |
فالمعنى في الرجز : أنّ النّفس استقرت بعدما خافت.