[مسلم أمام ابن زياد]
ثمّ قال ابن زياد : إيه يابن عقيل! أتيت النّاس وأمرهم جميع وكلمتهم واحدة ؛ لتشتتهم وتفرّق كلمتهم وتحمل بعضهم على بعض.
قال : كلا ، لست أتيت ، ولكن أهل المصر زعموا أنّ أباك قتل خيارهم وسفك دماءهم ، وعمل فيهم أعمال كسرى وقيصر فأتيناهم لنأمر بالعدل وندعو إلى حكم الكتاب.
قال : وما أنت وذاك يا فاسق ، أوَلمْ نكن نعمل بذلك فيهم إذ أنت بالمدينة تشرب الخمر؟ قال : أنا أشرب الخمر! والله ، إنّ الله ليعلم أنّك غير صادق وأنّك قلت بغير علم ، وإنّي لست كما ذكرت ، وإنّ أحقّ بشرب الخمر منّي وأولى بها مَن يلغ في دماء المسلمين ولغاً ، فيقتل النّفس التي حرّم الله قتلها ، ويقتل النّفس بغير النّفس ويسفك الدم الحرام ، ويقتل على الغضب والعداوة وسوء الظنّ ، وهو يلهو ويلعب كأنّ لمْ يصنع شيئاً.
قال له ابن زياد : يا فاسق! إنّ نفسك تمنّيك ما حال الله دونه ، ولمْ يرَك أهله.
قال : فمَن أهله يابن زياد؟
قال : أمير المؤمنين يزيد.
فقال : الحمد لله على كلّ حال ، رضينا بالله حكماً بيننا وبينكم.
قال : كأنّك تظنّ أنّ لكم بها شيئاً؟
قال : والله ، ما هو بالظنّ ولكنّه اليقين.
قال : قتلني الله إنْ لمْ أقتلك قتلة لمْ يقتلها أحد في الإسلام.
قال : أمَا إنّك لا تدع سوء القتلة وقبح المثلة ، وخبث السّيرة ولؤم الغلبة ، ولا أحد من النّاس أحقّ بها منك.