... مشفق ، ولكنّي أزمعت وأجمعت على المسير».
فقال له ابن عبّاس : فإنْ كنت سائراً ، فلا تسر بنسائك وصبيتك فوالله ، إنّي لخائف أنْ تُقتل ... (١).
[محادثة عمر بن عبد الرحمن المخزومي]
قال عمر بن عبد الرحمن بن الحرّث بن هشام المخزومي (٢) : لمّا تهيّأ الحسين (عليه السّلام) للمسير إلى العراق أتيته فدخلت عليه فحمدت الله وأثنيت عليه ، ثمّ قلت : أمّا بعد ، فإنّي أتيتك يابن عمّ لحجّة أريد ذكرها نصيحةً ، فإنْ كنت ترى أنّك تستنصحني ، وإلاّ كففت عمّا أريد أنْ أقول.
فقال [الحسين (عليه السّلام)] : «قل فوالله ، ما أظنّك بسيّء الرأي ولا هوٍ (٣) للقبيح من الأمر والفعل».
قال : أنّه قد بلغني أنّك تريد المسير إلى العراق ، وإنّي مشفق عليك من مسيرك ، أنّك تأتي بلداً فيه عمّاله وامرؤه ومعهم بيوت الأموال ، وإنّما النّاس عبيد لهذا الدرهم والدينار ، ولا آمن عليك أنْ يُقاتلك مَن وعدك نصره ، ومَن أنت أحبّ إليه ممّن يُقاتلك معه.
فقال الحسين (عليه السّلام) : «جزاك الله خيراً بابن عم ، فقد والله ، علمت أنّك مشيت بنصح وتكلّمت بعقل ، ومهما يقضِ من أمر يكن ، أخذت
_________________
(١) قال أبو مِخْنف : حدّثني الحرّث بن كعب الوالبي ، عن عقبة بن سمعان ٥ / ٣٨٣.
(٢) هو الذي ولاّه ابن الزبير الكوفة على عهد المختار سنة (٦٦ هـ) ، فبعث إليه المختار زائدة بن قدامة الثقفي في خمسمئة رجل ومعه سبعين ألف درهم ؛ ليردّ المختار بالدراهم وإلاّ فيُقاتله بالرجال ، فقبل الدراهم وذهب إلى البصرة ٦ / ٧١ ، وما يحدّث به من ثناء الإمام (عليه السّلام) له فإنّما هو بنقله ، وجدّه الحرّث بن هشام أخوتي جهل بن هشام عدوّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، وذكرناه في المقدمة.
(٣) هَوٍ ، أي : هاويا من الهوى ؛ أي : مريداً للقبيح.