فقال له شمر : إنّ الله قاتلك وصاحبك عن ساعة.
قال : أفبالموت تخوّفني؟ فوالله ، للموت معه أحبّ إليّ من الخلد معكم.
ثمّ أقبل على النّاس رافعا صوته فقال :
عباد الله ، لا يغرنّكم من دينكم هذا الجلف الجافي وأشباهه ، فوالله ، لا تنال شفاعة محمّد (صلّى الله عليه [وآله]) قوماً هرقوا دماء ذرّيّته وأهل بيته ، وقتلوا مَن نصرهم وذبّ عن حريمهم.
فناداه رجل ، فقال له : إنّ أبا عبد الله يقول لك أقبل ، فلعمري ، لئن كان مؤمن آل فرعون (١) نصح لقومه وأبلغ في الدعاء ، لقد نصحت لهؤلاء وأبلغت ، لو نفع النّصح والإبلاغ (٢).
[توبة الحرّ الرياحي]
[و] لمّا زحف عمر بن سعد ، قال له الحرّ بن يزيد : أصلحك الله! مقاتل أنت هذا الرجل؟ قال : إي والله ، قتالاً أيسره أنْ تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي.
قال : أفما لكم في واحدة من الخصال التي عُرضت عليكم رضاً؟
قال عمر بن سعد : أمَا والله ، لو كان الأمر إليّ لفعلت ، ولكن أميرك قد أبى ذلك.
فأقبل [الحرّ] حتّى وقف من النّاس موقفاً ، ومعه رجل من قومه ، يُقال له : قرّة بن قيس (٣). فقال : يا قرة ، هل سَقيت فرسك اليوم؟ قال لا. قال إنّما
_________________
(١) شبّهه الإمام (عليه السّلام) بمؤمن آل فرعون ؛ لأنّه كان عثمانياً قبلُ ، فكأنّه من قوم بني اُميّة.
(٢) فحدّثني علي بن حنظلة بن أسعد الشبامي ، عن رجل من قومه شهد مقتل الحسين حين قُتل ، يُقال له : كثير بن عبد الله الشعبي. قال : لمّا زحفنا قبل الحسين (ع) خرج إلينا زهير بن القين ٥ / ٤٢٦. وروى الخطبة اليعقوبي ٢ / ٢٣٠ ، ط النّجف.
(٣) مضت ترجمته في أوّل نزول الإمام (عليه السّلام) بكربلاء ، وقد دعاه حبيب إلى نصرة الإمام