[الحسين (عليه السّلام)]
ولمّا بقي الحسين (عليه السّلام) في ثلاثة رهط أو أربعة ، دعا بسراويل يمانيّة محقّقة يلمع فيها البصر ، ففرزه ونكثه ؛ لكيلا يسلبه (١) و (٢).
ومكث طويلاً من النّهار كلّما انتهى إليه رجل من النّاس انصرف عنه ، وكره أنْ يتولّى قتله وعظيم إثمه عليه.
وأتاه مالك بن النّسير [البَدّي الكنديّ (٣)] فضربه على رأسه بالسّيف ، فقطع البرنس [الذي] عليه وأصاب رأسه ، فأدما [ه و] امتلأ البرنس دماً ، فقال له الحسين (ع) : «لا أكلت بها ولا شربت ، وحشرك الله مع الظالمين»!
[ثمّ] ألقى ذلك البرنس [و] دعا بقلنسوة ـ فلبسها واعتمّ [عليه] (٤) و (٥).
_________________
(١) فقال له بعض أصحابه : لو لبست تحته تبّاناً [والكلمة فارسية ، بمعنى : اللباس القصير.] قال (ع) : «ذلك ثوب مذلّة ، ولا ينبغي لي أنْ ألبسه». فلمّا قُتل سلبه إيّاه بحر بن كعب ٥ / ٤٥١.
قال أبو مِخْنَف : فحدّثني عمرو بن شعيب عن محمّد بن عبد الرحمن : أنّ يدي بحر بن كعب كانتا في الشتاء تنضحان الماء ، وفي الصيف تيبسان كالعود ٥ / ٤٥١.
(٢) حدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال ٥ / ٤٥١. والمفيد في الإرشاد / ٢٤١.
(٣) هو رسول ابن زياد بكتابه إلى الحرّ ، في الطريق بإنزال الحسين (عليه السّلام) ٥ / ٤٠٨. ومضت ترجمته في نزول الإمام (عليه السّلام).
(٤) و (٥) وكان البرنس من خزّ ، فجاء الكندي حتّى أخذ البرنس. فلمّا قدم به بعد ذلك على أهله أقبل يغسل البرنس من الدّم ، فرأت ذلك امرأته وعلمت به ، فقالت : أسَلَب ابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه [وآله]) تُدخلُ بيتي؟! أخرجه عنّي. وذكر أصحابه أنّه لمْ يزل فقيراً به حتّى مات ٥ / ٤٤٨. والبرنس : قلنسوة طويلة من قطن كان يلبسها عبّاد النّصاري ، فلبسها عبّاد المسلمين في صدر الإسلام ،