القضيب عن هاتين الثنيّتين ، فوالذي لا إله غيره ، لقد رأيت شفتي رسول الله (صلّى الله عليه [وآله]) على هاتين الشفتين يقبّلهما. ثمّ انفضخ الشيخ يبكي.
فقال له ابن زياد : أبكى الله عينيك! فوالله ، لولا أنّك شيخ قد خرفت وذهب عقلك ، لضربت عنقك. فنهض [زيد بن أرقم] فخرج (١) ، وهويقول : ملّك عبد عبداً ، فاتخذهم تلداً ، أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم ، قتلتم ابن فاطمة (عليه السّلام) وأمّرتم ابن مرجانة ، فهو يقتل خياركم ويستعبد شراركم ، فرضيتم بالذلّ فبعداً لمَن رضي بالذّل! (٢).
فلمّا فخرج سمعت النّاس يقولون : والله ، لقد قال زيد بن أرقم قولاً لوسمعه ابن زياد ، لقتله.
[السّبايا في مجلس ابن زياد]
فلمّا أُدخل أخواته ونساؤه وصبيانه على عبيد الله بن زياد ، لبست زينب
_________________
(١) ورواه المفيد في الإرشاد / ٢٤٣.
(٢) ورواه سبط ابن الجوزي / ٢٥٧ وزاد ، ثمّ قال : يابن زياد ، لا حدّثنّك حديثاً أغلظ عليك من هذا؟ رأيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أقعد حسناً (ع) على فخذه اليمنى وحسيناً (ع) على فخذه اليسرى ، ثمّ وضع يده على يافوخيهما ، ثمّ قال (ص) : «اللهمّ ، إنّي استودعك إيّاهما وصالح المؤمنين». فكيف كانت وديعة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عندك يابن زياد؟!
ثمّ قال ، وقال هشام بن محمّد : لمّا وُضع الرأس بين يدي ابن زياد ، قال له كاهنه : قُمْ فضع قدمك على فم عدوّك. فقام فوضع قدمه على فيه ، ثمّ قال لزيد بن أرقم : كيف ترى؟ قال : والله ، لقد رأيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) واضعاً فاه حيث وضعت قدمك.
ثمّ قال ، وقال الشّعبي : كان عند ابن زياد قيس بن عباد ، فقال له : ما تقول فيًّ وفي حسين (ع)؟ فقال : يأتي يوم القيامة جدّه وأبوه واُمّه (عليهم السّلام) فيشفعون فيه ، ويأتي جدّك واُمّك فيشفعون فيك! فغضب ابن زياد وأقامه من المجلس.
وروى السّبط عن طبقات ابن سعد ، أنّه قال ، قالت مرجانة اُمّ ابن زياد لابنها : يا خبث! قتلت ابن رسول الله! والله ، لا ترى الجنّة أبداً / ٢٥٩. ورواه ابن الأثير في الكامل ٤ / ٢٦٥.