قالت : كلاّ والله ، ما جعل الله ذلك لك إلاّ أنْ تخرج من ملّتنا وتدين بغير ديننا.
فغضب يزيد واستطار ، تمُ قال : إيّاى تستقبلين بهذا! إنّما خرج من الدّين أبوك وأخوك.
فقالت زينب : بدين الله ودين أبي وأخي وجدّي (عليهم السّلام) ، اهتديت أنت وأبوك وجدّك!
قال : كذبت ، يا عدوّة الله.
قالت : أنت أمير مُسلّط تشتم ظالماً ، تقهر بسلطانك. فسكت.
ثمّ عاد الشامي ، فقال : يا أمير المؤمنين ، هب لي هذه الجارية؟
قال : اعزب ، وهب الله لك حتفاً قاضياً! (١).
ثمّ أمر بالنّسوة أنْ يُنزّلن في دار على حدة ، [و] معهنّ علي بن الحسين [(عليه السّلام) ، و] معهنّ ما يصلحهنّ ، فخرجن حتّى دخلن [تلك الدار] ، فلمْ تبقَ من آل معاوية امرأة إلاّ استقبلتهنّ تبكي وتنوح على الحسين (عليه السّلام) ، فأقاموا عليه المناحة ثلاثاً.
ولمّا أرادوا أنْ يخرجوا ، قال يزيد بن معاوية : يا نعمان بن بشير ، جهّزهم بما يصلحهم وابعث معهم رجلاً من أهل الشام أميناً صالحاً ، وابعث معه خيلاً وأعوانًا ، فسيّر بهم إلى المدينة فخرج بهم. وكان يُسايرهم باللّيل فيكونون أمامه حيث لا يفوتون طرفه ، فإذا نزلوا تنحّى عنهم وتفرّق هوأصحابه حولهم كهيئة الحرس لهم ، وينزل منهم بحيث إذا أراد إنسان منهم وضوأ وقضاء حاجة لمْ يحتشم. فلمْ يزل ينازلهم في الطريق هكذا ، ويلطّفهم ويُسألهم عن حوائجهم حتّى دخلوا المدينة (٢).
_________________
(١) وروى هذا الخبر الطبري ، عن عمّار الدهني عن الباقر (عليه السّلام) ٥ / ٣٩٠.
(٢) عن الحارث بن كعب ، عن فاطمة ٥ / ٤٦١. ورواه أبو الفرج / ٨٠ ، والسّبط / ٢٦٤.