يكن الوليد يجلس فيها للنّاس ولا يأتيانه في مثله (١) ، فقال : أجيبا الأمير
_________________
قريش ٦ / ٤٦٥ ، ويلقّب بـ (المطرف). مات سنة (٩٦ هـ) ، القمقام / ٢٧٠.
وعمرو ، أبوه : ابن عثمان بن عفّان الخليفة ، واُمّه : اُمّ عمرو ، بنت جندب الأزدي ٤ / ٤٢٠.
وقال في ٥ / ٤٩٤ : اُمّه من دوس. واتهمه مسلم بن عقبة في وقعة الحرّة : أنّه لمْ يكن فيها مخلصاً لبني اُميّة ، فلمّا أتى به شتمه وأمر به فنُتفت لحيته ٥ / ٤٩٤.
(١) هكذا يقتصر خبر أبي مِخْنف هنا على وصف هذه السّاعة ، بأنّه لمْ يكن الوليد يجلس فيها للنّاس من دون تعيين لها ، متى كانت؟ أمن ليل أمْ من نهار؟
إلاّ أنّ نفس هذا الخبر يشتمل على قرائن تعيننا على تعيين تلك السّاعة ، بأنّها كانت ساعة مبكرة من صباح يوم الجمعة لأربع بقين من رجب :
أ ـ إنّ نصّ الخبر هكذا : فأرسل ... إليهما يدعوهم ، فأتاهما فوجدهما ، فقال : أجيب الأمير يدعوكم. فقالا له انصرف ، الآن نأتيه. فالدعوة كانت لهما في ساعة واحدة ... ، وفي آخر الخبر عن ابن الزبير ، أنّه قال : (الآن آتيكم. ثمّ أتى داره فكمن فيه ، فبعث الوليد إليه مرّة ثانية فوجده مجتمعاً متحرّزاً في أصحابه ، فألحّ عليه بكثرة الرسل والرجال في إثر الرجال [مرّةًٍ ثالثةً ورابعةً على الأقل] فقال : لا تعجلوني أمهلوني ، فانّي آتيكم. فبعث الوليد إليه [مرّةً خامسةً] موالي له فشتموه وصاحوا به : يابن الكاهليّة! والله ، لتأتينّ الأمير أو ليقتلنّك. فلبث نهاره كلّه وأوّل ليله ، [وهو] يقول الآن أجيء ، [فلمّا] إستحثوه ، قال : والله ، لقد استربت بكثرة الإرسال وتتابع هذه الرجال ، فلا تعجلوني حتّى أبعث إلى الأمير مَن يأتيني برأيه وأمره. فبعث إليه أخاه جعفر بن الزبير ، فقال : رحمك الله! كفّ عن عبد الله ؛ فإنّك قد أفزعته وذعرته بكثرة رسلك ، وهو آتيك غداً إن شاء الله ، فمر رسلك فلينصرفوا عنّا. فبعث إليهم فانصرفوا [عند المساء]. وخرج ابن الزبير من تحت اللّيل.
فالظاهر أنّ هذه الأمور كلّها كانت في النّهار ، بل صريح النّص : فلبث بذلك نهاره وأوّل ليله. وحيث كانت الدعوة له وللإمام (عليه السّلام) معاً ؛ يظهر أنّ دعوة الإمام (عليه السّلام) أيضاً كانت في أوّل النّهار.
ب ـ يشتمل الخبر على عبارة : فألحّوا عليهما عشيّتهما تلك ، وأوّل ليلهما. وهذه العبارة قد توهم للبعض أنّ الدعوة كانت في العشيّة ـ أي : العصر ـ ولكنّه وهمٌ ، إذ العبارة : فألحّوا عليهما ، والإلحاح هو الإلحاف والإصرار والتكرار في الدعوة والطلب ، فلابدّ أنْ يكون مسبوقاً بدعوة سابقة قبل العشيّ ـ العصر ـ فالعبارة بنفسها تدلّنا على أنّ الدعوة كانت في النّهار لا في اللّيل.
ج ـ يروي أبو مِخْنف عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق بن مخرمة ، عن أبي سعيد المقبري ، قال : نظرت إلى الحسين (عليه السّلام) داخلاً مسجد المدينة ... فما مكث إلاّ يومين حتّى بلغني أنّه سار إلى مكّة