وكتمان أمره واللطف ، فإنْ رأى النّاس مجتمعين مستوسقين ، عجّل إليه بذلك.
فأقبل مسلم حتّى أتى المدينة ، فصلّى في مسجد رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) ، وودّع مَن أحبّ من أهله ، ثمّ استأجر دليلين من قيس فأقبلا به ، فضّلا الطريق وجارا وأصابهم عطش شديد ، وقال الدليلان : هذا الطريق [خذه] حتّى تنتهي إلى الماء ... وذلك بالمضيق من بطن الخبيت (١).
[كتاب مسلم إلى الإمام (عليه السّلام) من الطريق]
فكتب مسلم بن عقيل مع قيس بن مسهر الصيداوي إلى الحسين (عليه السّلام) :
أمّا بعد ، فأنّي أقبلت من المدينة معي دليلان لي ، فجارا عن الطريق وضلاّ واشتدّ علينا العطش ، فلمْ يلبثا أنْ ماتا ، وأقبلنا حتّى انتهينا إلى الماء فلمْ ننجِ إلاّ بحشاشة أنفسنا ؛ وذلك الماء بمكان يُدعى المضيق من بطن الخبيت (٢) ؛ وقد تطيّرت من وجهي هذا ، فإنْ رأيت أعفيتني منه وبعثت غيري. والسّلام (٣).
[جواب الإمام (عليه السّلام) إليه]
فكتب إليه الحسين (عليه السّلام) :
«أمّا بعد ، فقد خشيت أنْ لا يكون حملك على الكتاب إليّ في الاستعفاء
_________________
عبد الله وعبد الرحمن ، ابنا : راشد الأرحبي / ٢٠٤.
(١) ٥ / ٣٥٤. بعد رواية عن أبي مِخْنف ، عن أبي المخارق الراسبي.
(٢) أصل خبت : واقع حوالي المدينة إلى جهة مكّة ، فكأنّ الدليلين ضلا حتّى ملا إلى مكّة ، كما في إبصار العين / ١٦.
(٣) ورواه المفيد / ٢٠٤ ، والخوارزمي / ١٩٧ ، بلفظ قريب إلاّ يسيراً. ورواه الطبري أيضاً ، عن معاوية بن عمار ، عن الإمام الباقر (عليه السّلام) ٥ / ٣٤٧.