وتوسيع رقعة الدولة الإسلاميّة ، وبسط نفوذها على أنحاء العالم ، ومن ثم كانت حقول التربية الدينية ضعيفة للغاية ؛ الأمر الذي أدّى إلى انتشار القلق الديني وقلّة الوعي الإسلامي ، وكان من نتائجه ظهور الحركات الإلحاديّة والمبادئ الهدّامة في العصر الاُموي والعباسي ، كما كان من نتائجه شيوع الخلاعة والمجون في كثير من أنحاء البلاد ، أمّا بيوت الخلفاء والوزراء فكانت من مراكز اللهو والدعارة والتفسّخ.
وقد أولى أمير المؤمنين (عليه السلام) المزيد من اهتمامه بهذه الناحية ؛ فاتّخذ جامع الكوفة معهداً يلقي فيه محاضراته الدينية والتوجيهية ، وكان يشغل أكثر أوقاته بالدعوة إلى الله ، وإظهار فلسفة التوحيد ، وبث الآداب والأخلاق الإسلاميّة ؛ مستهدفاً من ذلك نشر الوعي الديني ، وخلق جيل يؤمن بالله إيماناً عقائدياً لا تقليدياً ، وكانت مواعظه تهزّ أعماق النفوس خوفاً ورهبة من الله. وقد تربى في مدرسته جماعة من خيار المسلمين وصلحائهم ؛ أمثال : حجر بن عدي ، وميثم التمار ، وكميل بن زياد ، وغيرهم من رجال التقوى والصلاح في الإسلام.
وكانت وصاياه إلى ولديه الحسن والحسين (عليهما السّلام) وسائر تعاليمه من أهم الاُسس التربوية في الإسلام ؛ فقد قُنّنت اُصول التربية ، ووُضعت مناهجها على أساس تجريبية كانت من أثمن ما يملكه المسلمون في هذا المجال. أما التعاليم فقد كان الإمام (عليه السّلام) هو المعلم والباعث للروح العلمية ، فهو الذي فتق أبواب العلوم في الإسلام ؛ كعلم الفلسفة ، والكلام ، والتفسير ، والفقه ، والنحو ، وغيرها من العلوم التي تربو على ثلاثين علماً ، وإليه تستند ازدهار الحركة العلمية في العصور الذهبية في الإسلام حسب ما نص عليه المحققون.
لقد كان الإمام (عليه السّلام) المؤسس الأعلى للعلوم والمعارف في دنيا الإسلام ،