إذا عاشَ الفَتَى مائتَيْنِ عاماً |
|
فقد ذَهَبَ اللَّذاذَةُ والفَتاءُ (١) |
والفَتَى : الشَّابُّ ، يكونُ اسْماً وصفَةً.
وفي المِصْباح : الفَتَى في الأصْلِ يقالُ للشابِّ الحديثِ ثم اسْتُعِيرَ للعَبْدِ وإن كانَ شيْخاً مجازاً لتَسْمِيَتِه باسْمِ ما كانَ عليه. وقولُه تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ) (٢) جاء في التَّفْسِير أَنَّه يُوشَعُ بن نُون ، سَمَّاهُ بذلكَ لأنَّه كانَ يَخْدمُه في سَفَرِه ، ودَلِيلُه قولُ : (آتِنا غَداءَنا) (٣).
وقالَ الرَّاغبُ : ويكنَى بالفَتَى والفَتاةِ عن العَبْدِ والأَمَةِ ، ومنه قولُه تعالى : (تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ) (٤).
والفَتَى أَيْضاً : السَّخِيُّ الكَرِيمُ ، وهو مِن الفُتُوَّةِ ، يقالُ : فَتًى بيِّن الفُتُوَّةُ ، نقلَهُ الجَوْهرِي.
وهُما فَتَيانِ ، بالتَّحْريكِ ، ومنه قولُه تعالى : (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ) (٥) ، جائِزٌ كَوْنهما حَدَثَيْن أَو شَيْخَين لأنَّهم كانوا يسمّون المَمْلوكَ فَتًى.
ويقالُ أَيْضاً : فَتَوانِ ، بالواوِ وبالتّحريكِ أَيْضاً ، ج فِتْيانٌ ، بالكَسْر ، ومنه قولُه تعالى : (وَقالَ لِفِتْيانِهِ) (٦) أَي لمَمَالِيكِه ، وفِتْوَةٌ ، بالكسْرِ أَيْضاً وهذه عن اللّحْياني ، وفُتُوٌّ ، على فُعُولٍ ، وفُتِيٌّ مِثْلُ عُصِيٍّ ، قالَ جَذيمة [الأبرش] :
في فُتُوِّ أَنا رابِئهُمْ |
|
مِنْ كَلالِ غَزْوةٍ ماتُوا (٧) |
وقالَ آخَرُ :
وفُتُوٌّ هَجَّرُوا ثم سَرَوْا |
|
لَيْلَهُمْ حتى إذا انْجابَ حَلُّوا (٨) |
قالَ سِيْبَوَيْه : أَبْدَلُوا الواوَ في الجَمْعِ والمَصْدر بَدَلاً شاذًّا ، كما في الصِّحاح.
ولم يَذْكرِ المصنِّفُ مِن جُموعِ الفَتَى فِتْيَة ، وكأَنَّه سَقْطٌ من قَلَمِ النسَّاخِ ، ومنه قولُه تعالى : (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ) (٩) ، (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ) (١٠) ، وهو مَوْجودٌ في الصِّحاح والمُحْكم.
وفي المُحْكم : قالَ سِيْبَوَيْه : ولم يقولوا أَفْتاء اسْتَغْنَوا عنه بفِتْيَةٍ.
وهْيَ فَتَاةٌ وهي الشَّابَّةُ وتُطْلَقُ على الأَمَةِ والخادِمَةِ ، وقالَ الأسْود :
ما بَعْدَ زَيْد في فَتاةٍ فُرِّقُوا |
|
قَتْلاً وسَبْياً بَعْدَ حُسْن تَآدِي (١١) |
أَي أَنَّهم قُتِلُوا بَسَبَبِ جارِيَةٍ وذلكَ أَنَّ بعضَ المُلوكِ خَطَبَ إلى زَيْدِ بنِ مالِكِ بنِ حَنْظَلَةَ بنِ مالِكٍ أَو إلى بعضِ ولدِه ابْنَةً له يقالُ لها أُمّ كَهْف ، فلم يُزَوِّجْه فغَزَاهُم وقَتَلَهم ، وزَيْد هنا قَبيلةٌ.
ج فَتَياتً ، بالتّحْريكِ ، ومنه قولُه تعالى : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ) (١٢) ، أَي إماءَكُم.
قالَ شيْخُنا : اخْتَلَفُوا في لام الفَتَى هل هي ياءٌ أَو واوٌ ، وكَلامُ المصنِّفِ يَقْتَضِي كلًّا منهما. وأَمَّا الصّرفيُّون فخِلافُهم مَشْهورٌ ، فقيلَ : أَصْلُه الياءُ لقوْلِهم فَتَيان ، وعليه سِيْبَوَيْه ففَتَوان بالواوِ شاذّ ، وقيل : أصْلُه الواو ولجَمْعِه على فُتُوٍّ ولقوْلِهم في مَصْدرِه الفُتُوَّة ، وعليه ففَتَيان بالياءِ شاذّ انتَهَى.
* قُلْت : الذي نقلَهُ الجَوْهرِي عن سِيْبَوَيْه أنَّهم أَبْدَلُوا الواوَ في الجَمْعِ والمَصْدرِ بَدَلاً شاذًّا ، وفي المُحْكم : والأصْلُ مِن الكُلِّ الفُتُوَّةَ انْقَلَبتِ الياءُ فيه واواً على حَدِّ انْقِلابِها في مُوقِنٍ وكفَضُوَ. وقالَ السِّيرافي : إنَّما قُلِبَتِ
__________________
(١) اللسان والصحاح ، وفي التهذيب : «فقد أودى» وفي الأساس والمقاييس ٤ / ٤٧٤ : البشاشة ، بدل : اللذاذة.
(٢) سورة الكهف ، الآية ٦٠.
(٣) سورة الكهف ، الآية ٦٢.
(٤) سورة يوسف ، الآية ٣٠.
(٥) سورة يوسف ، الآية ٣٦.
(٦) سورة يوسف ، الآية ٦٢.
(٧) اللسان والصحاح ، والزيادة السابقة عن اللسان.
(٨) اللسان والأساس بدون نسبة وفيهما : «أسروا» بدل : «سروا».
(٩) سورة الكهف ، الآية ١٠.
(١٠) سورة الكهف ، الآية ١٣.
(١١) المفضلية ٤٤ الأسود بن يعفر النهشلي ، البيت ١٧ وفيه قتلاً ونفياً : «والمثبت كرواية اللسان والصحاح والتهذيب ونسبه للأسود بن جعفر ، خطأ.
(١٢) سورة النور ، الآية ٣٣.