وقالَ الراغبُ : افْتَدَى إذا بَذَلَ ذلك عن نَفْسِه ، ومنه قولُه تعالى : (فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ) (١).
وفادَاهُ مُفادَاةً وفِداءً : أَعْطَى شيئاً فأَنْقَذَه ، وقيلَ : فادَاهُ أَطْلَقَهُ وأَخَذَ فِدْيَتَه.
وقالَ المبرِّدُ : المُفادَاةُ أنْ تَدْفَعَ رجُلاً وتَأْخُذَ رجُلاً ، والفِداءُ : أَنْ تَشْتَرِيَه ، وقيلَ : هُما واحِدٌ.
فقولُ المصنِّف شيئاً يَشْملُ المالَ ، والأسِيرَ جَمْعاً بينَ القَوْلَيْن.
وقوْلُه تعالى : (وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ) (٢) ، قَرَأَ ابنُ كَثيرٍ وأَبو عَمْرٍو وابنُ عامِرٍ : تَفْدُوهُم ، وقَرَأَ نافِعٌ وعاصِمٌ والكِسائي ويَعْقوبُ الحَضْرمي بألِفٍ فيهِما ، أَي في (أُسارى) ، وتُفادُوهُمْ ، وحَمْزةُ بِلا أَلِفٍ فيهما.
قالَ نُصَيْرُ الرَّازِي : فادَيْتُ الأسِيرَ والأُسارَى ، هكذا تقولُه العَرَبُ : ويقُولونُ : فَدَيْتُه بأَبي وأُمِّي ، وفَدَيْتُه بمالٍ كأَنَّك اشْتَرَيْته وخَلَّصْتُه به إذا لم يَكُنْ أَسِيراً ، وإذا كانَ أَسِيراً مَمْلوكاً قُلْت فادَيْته ، كذا تقولُه العَرَبُ ، قالَ نُصَيْب :
ولكِنَّنِي فادَيْتُ أُمِّي بَعْدَ ما |
|
عَلا الرأْسَ منها كَبْرةٌ ومَشِيبُ (٣) |
قالَ : وإن قُلْت فَدَيْت الأسِيرَ فجائِزٌ أَيْضاً بمعْنَى فَدَيْته ممَّا كان فيه أَي خَلَّصْته ، وفادَيْت أَحْسَن في هذا المَعْنى. (وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ) (٤) أَي جَعَلْنا الذبْح فِداءً له وخَلَّصْنا به مِن الذَّبْح.
وقالَ أَبو مُعاذٍ : مَنْ قَرَأَ تَفْدُوهُم فمعْناهُ تَشْتَرُوهم من العَدُوِّ وتُنْقِذُوهم ، وأَمّا تُفادُوهُمْ فيكونُ مَعْناهُ تُماكِسُونَ مَنْ هُم في أَيْدِيهِم في الثمنِ ويُماكِسُونَكم. والفِداءُ ، ككِساءٍ ، وعَلَى (٥) ، وإلى ، والفِدْيَةُ ، كفِتْيَةٍ : ذلكَ المُعْطَى.
وفي المِصْباح : هو عِوَضُ الأسِيرِ.
وقالَ أَبو البَقاءِ : هو إقامَةُ شيءٍ مُقامَ شيءٍ في دَفْعِ المَكْرُوهِ.
وقالَ الراغبُ : ما يَقِي الإنْسانُ به نَفْسَه من مالٍ يَبْذلُه في عِبادَةٍ يُقَصِّرُ فيها يقالُ له فِدْيَةً ، ككفّارَةِ اليَمِينِ وكفّارَةِ الصَّوْمِ ، ومنه قولُه تعالى : (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) (٦) ، (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) (٧).
وفَدَّاه بنَفْسِه تَفْدِيَةً : قالَ له جُعِلْتُ فِدَاكَ ، نقلَهُ الجَوْهرِي وغيرُهُ ، ومنه قولُ الشاعِرِ :
وفدَّيننا بالابينا
وأَفْداهُ الأسِيرَ : قَبِلَ منه فِدْيَتَهُ ، ومنه الحديثُ : «لا نُفْدِيكُموهُما حتى يَقْدَمَ صاحِباي ، يَعْني سَعْد بن أَبي وقّاص وعُتْبَةَ بن غَزْوان ، قالَهُ لقُرَيْش حينَ أُسِرَ عُثْمانُ بنُ عبدِ اللهِ والحكَمُ بنُ كَيْسان.
وأَفْدَى فُلانٌ : رَقَّص صَبِيَّهُ ، يقالُ ذلكَ لما أنه يفدّى في كَلامِه فيقولُ : فدًى لَكَ أَبي وأُمِّي.
وأَفْدَى : جَعَلَ لتَمْرِهِ أَنْباراً.
وأَيْضاً : باعَ التَّمْرَ ، عن ابنِ الأعْرابي.
وأَيْضاً : عَظُمَ بَدْنُهُ (٨) ، عنه أَيْضاً ، كأَنَّه صارَ كالفداءِ.
والفَداءُ ، كسَماءٍ : حَجْمُ الشَّيءِ ، عن ابنِ سِيدَه.
وأَيْضاً : أَنْبارُ الطَّعَامِ ، وهو الكُدْسُ مِن البُرِّ ، كما في المُحْكم.
أَو جماعَةُ الطَّعامِ مِن شَعيرٍ وبُرٍّ وتَمْرٍ ونَحْوِهِ ، كما في الصِّحاح.
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ٢٢٩.
(٢) سورة البقرة ، الآية ٨٥.
(٣) اللسان والتهذيب.
(٤) سورة الصافات ، الآية ١٠٧.
(٥) في القاموس : وكَعَلَى.
(٦) سورة البقرة ، الآية ١٩٦.
(٧) سورة البقرة ، الآية ١٨٤.
(٨) عبارة القاموس : وجعل لتمره أنباراً ، وعظم بدنه ، وباع التمر.