بأنْ يقذفه في بيت فيطيّنه عليه حتّى يتمّ أمر الصلح ، فرأى أنّ مِن الوفاء لأخيه أنْ يطيعه ولا يخالف له أمراً ، فأجابه إلى ذلك. وقد دلّلنا على افتعال ذلك وعدم صحته إطلاقاً في كتابنا حياة الإمام الحسن (عليه السّلام).
ولمّا أُبرم أمر الصلح خفّ عدي بن حاتم ومعه عبيدة بن عمر إلى الإمام الحسين (عليه السّلام) وقلبه يلتهب ناراً ، فدعا الإمامَ إلى إثارة الحرب قائلاً : يا أبا عبد الله ، شريتم الذلّ بالعزّ ، وقبلتم القليل وتركتم الكثير! أطعنا اليوم واعصنا الدهر ؛ دع الحسن وما رأى مِن هذا الصلح ، واجمع إليك شيعتك مِن أهل الكوفة وغيرها ، وولّني وصاحبي هذه المقدمة ، فلا يشعر ابن هند إلاّ ونحن نقارعه بالسيوف.
فقال الحسين (عليه السّلام) : «إنّا قد بايعنا وعاهدنا ولا سبيل لنقض بيعتنا» (١). ولو كان الحسين (عليه السّلام) يرى مجالاً للتغلّب على الأحداث لخاض الحرب وناجز معاوية ، ولكنْ قد سُدّتْ عليه وعلى أخيه جميع النوافذ والسبل ، فرؤوا أنّه لا طريق لهم إلاّ الصلح.
وتحوّلت الخلافة الإسلاميّة مِن طاقتها الأصيلة ومفاهيمها البنّاءة إلى مُلْكٍ عضوض مستبد ، لا ظل فيه للعدل ، ولا شبح فيه للحقّ ؛ قد تسلّطت الطغمة
__________________
(١) الأخبار الطوال / ٢٠٣.