وقد أعطاني الله ذلك وانتم له كارهون (١).
ومثّل هذا الخطاب الاتجاهات الشريرة التي يحملها معاوية ، فمِن أجل الإمرة والسيطرة على العباد أراق دماء المسلمين ، وأشاع في بيوتهم الثكل والحزن والحداد.
ولا بدّ لنا مِن دراسةٍ موجزة للمخططات السياسية التي تبنتها حكومة معاوية وما رافقها مِن الأحداث الجسام ؛ فإنّها ـ فيما نعتقد ـ مِن ألمع الأسباب في ثورة الإمام الحسين (عليه السّلام) ، فقد رأى ما مُنِيَ به المسلمون في هذا العهد مِن الحرمان والاضطهاد ، وما أُصيبوا به مِن الانحراف والتذبذب مِن جراء النقائص الاجتماعية التي أوجدها الحكم الاُموي ، فهبّ سلام الله عليه ـ بعد هلاك معاوية ـ إلى تفجير ثورته الكبرى التي أدت إلى إيقاظ الوعي الاجتماعي الذي اكتسح الحكم الاُموي ، وأزال جميع معالمه وآثاره ... وهذه بعض معالم سياسة معاوية.
ولمْ تكن لمعاوية أيّة سياسة اقتصادية في المال حسب المعنى المصطلح لهذه الكلمة ، وإنّما كان تصرّفه في جباية الأموال وإنفاقها خاضعاً لرغباته وأهوائه ؛ فهو يهب الثراء العريض للقوى المؤيدة له ، ويحرم العطاء للمعارضين له ، ويأخذ الأموال ويفرض الضرائب ، كلّ ذلك بغير حقّ.
إنّ مِن المقطوع به أنّه لمْ يعد في حكومة معاوية أي ظل للاقتصاد الإسلامي الذي عالج القضايا الاقتصادية بأروع الوسائل وأعمقها ، فقد عنى بزيادة الدخل الفردي ، ومكافحة البطالة ، وإذابة الفقر ، واعتبر مال
__________________
(١) حياة الإمام الحسن (عليه السّلام) ٢ / ٢٥٤.