واضطر معاوية بعد إسرافه وتبذيره إلى مصادرة أموال المواطنين ؛ ليسد العجز المالي الذي مُنيت به خزينة الدولة ، وقد صادر مواريث الحتات عمّ الفرزدق ، فأنكر عليه الفرزدق وقال يهجوه :
أبوك وعمّي يا معاويَ أورثا |
|
تراثاً فيختار التراثَ أقاربُهْ |
فما بالُ ميراثِ الحُتاتِ أخذته |
|
وميراثُ صخرٍ جامدٌ لك ذائبُهْ |
فلو كان هذا الأمرُ في جاهليةٍ |
|
علمتَ مَن المرء القليل حلائبُهْ |
ولو كان في دينٍ سوى ذا شنئتمُ |
|
لنا حقّنا أو غصّ بالماء شاربُهْ |
ألستُ أعزّ الناس قوماً واُسرةً |
|
وأمنعهم جاراً إذا ضيم جانبُهْ |
وما ولدت بعد النّبيِّ وآلهِ |
|
كَمثلي حَصَانٌ في الرجال يقاربُهْ |
وبيتي إلى جنب الثريا فِناؤهُ |
|
ومِن دونهِ البدرُ المُضيء كواكبُهْ |
أنا ابنُ الجبال الشمِّ في عدد الحصى |
|
وعرقُ الثرى عرقي فمَنْ ذا يحاسبُهْ |
وكم مِن أبٍ لي يا معاويَ لمْ يزلْ |
|
أغرَّ يباري الريح ما ازورّ جانبُهْ |
نمته فروعُ المالكَينِ ولمْ يكنْ |
|
أبوك الذي مِن عبد شمس يقاربُهْ (١) |
ومعنى هذه الأبيات أنّ الأموال التي خلّفها صخر جد معاوية قد انتقلت إلى ورّاثه ، في حين إنّ ميراث عمّ الفرزدق قد صادره معاوية ، ولو كان ذلك في الجاهلية لكان معاوية أقصر باعاً مِن أن تمتد يده إليه ؛ فإنّ الفرزدق ينتمي إلى اُسرة هي مِن أعزّ الاُسر العربية وأمنعها.
__________________
(١) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٣٢ ، ديوان الفرزدق / ٢٤٦.