زياد مع عمّاله بإجبار المواطنين على مصادرة ما عندهم مِن ذلك وإرساله إلى دمشق (١) ، وقد ضيّق بذلك على الناس وترك الفقر آخذاً بخناقهم.
وشلّت الحركة الاقتصادية في جميع أنحاء البلاد ، فخربت الزراعة والتجارة ، وأُصيب الاقتصاد العام بنكسةٍ شاملة نتيجة تبذير معاوية وإسرافه ، وقد أعلن ذلك عبد الله بن همّام السّلولي ، فقد كتب شعراً في رقاع وألقاها في المسجد الجامع يشكو فيها الجور الهائل ، والمظالم الفظيعة التي صبّها معاوية وعمّاله على الناس ، وهذه هي الأبيات :
ألا أبلغ معاويةَ بن صخرٍ |
|
فقد خرب السوادُ فلا سوادا |
أرى العمّالَ أقساءً علينا |
|
بعاجل نفعِهمْ ظلموا العبادا |
فهل لك أنْ تدارك بالدنيّا |
|
وتدفع عن رعيّتك الفسادا |
وتعزل تابعاً أبداً هواهُ |
|
يخرّب مِن بلادتهِ البلادا |
إذا ما قلتَ أقصر عن هواهُ |
|
تمادى في ضلالته وزادا (٢) |
وقد صوّر السلولي بهذه الأبيات سوء الحالة الاقتصادية ، وتسلّط الولاة على ظلم الرعية ، ودعا السلطة إلى عزلهم وإقصائهم عن وظائفهم ؛ فقد جهدوا في خراب السواد ، وامتصّوا الدماء ، واتّبعوا الهوى ، وظلّوا عن الطريق القويم.
__________________
(١) حياة الإمام موسى بن جعفر (عليه السّلام) ١ / ٣٠١.
(٢) الإسلام والحضارة العربية ٢ / ١٤٩ ـ ١٥٠.