ويرى معاوية أنّ أموال الأُمّة وخزينتها المركزية مُلْكٌ له يتصرف فيها حيث ما شاء ، يقول : الأرض لله ، وأنا خليفة الله ، فما أُخذ مِن مال الله فهو لي ، وما تركته كان جائزاً إليّ (١).
وهذا المنطق بعيد عن روح الإسلام ، وبعيد عن اتجاهاته ، فقد قنّن أُسسه الاقتصادية على أساس أنّ المال مال الشعب ، وأنّ الدولة ملزمة بتنميته وتطويره ، وليس لرئيس الدولة وغيره أنْ يتلاعب باقتصاد الأُمّة وينفقه على رغباته وأهوائه ؛ فإنّ ذلك يؤدي إلى إذاعة الحاجة ونشر البطالة ، ويعرّض البلاد للأزمات الاقتصادية.
لقد اعتبر الإسلام الفقر كارثةً اجتماعية ، ووباءً شاملاً يجب مكافحته بكلّ الطرق والوسائل ، وليس لرئيس الدولة أنْ يصطفي مِن مال الأُمّة أي شيء ، هذا هو رأي الإسلام ، ولكنّ معاوية ـ بصورة لا تقبل الجدل ـ لمْ يعِ ذلك ، فتصرّف بأموال المسلمين حسب رغباته وأهوائه.
هذه بعض معالم سياسة معاوية الاقتصادية التي فقدت روح التوازن ، وأشاعت البؤس والحرمان في البلاد.
وبنى معاوية سياسته على تفريق كلمة المسلمين وتشتيت شملهم ، وبثّ روح التفرقة والبغضاء بينهم ؛ إيماناً منه بأنّ الحكم لا يمكن أنْ يستقر له إلاّ في
__________________
(١) حياة الإمام موسى بن جعفر (عليه السّلام) ١ / ٣٠١.