شرفت همّته (١).
ولمْ يعِ الاُمويّون ومَنْ سار في ركابهم هذا المنطق المشتق مِن واقع الإسلام وهديه ، الذي أمر ببسط المساواة والعدل بين جميع الناس من دون فرق بين قوميّاتهم.
وعلى أيّ حالٍ ، فقد أدّت هذه السياسة العنصرية إلى إشاعة الأحقاد بين المسلمين واختلاف كلمتهم ، كما أدّت إلى تجنيد الموالي لكلّ حركة ثورية تقوم ضد الحكم الاُموي ، وكانوا بالأخير هم القوة الفعّالة التي أطاحت بالاُمويِّين ، وطوت معالمهم وآثارهم.
وتبعاً لسياسة التحزّب والتفريق التي سار عليها الاُمويّون فقد أحيوا العصبيات القبلية ، وقد ظهرت في الشعر العربي صوراً مريعةً ومؤلمة مِن ألوان ذلك الصراع الذي كانت تخلقه السلطة الاُمويّة ؛ لإشغال الناس بالصراع القبلي عن التدخل في الشؤون السياسية ، وإبعادهم عمّا يقننه معاوية مِن الظلم والجور.
ويقول المؤرّخون : إنّه عمد إلى إثارة الأحقاد القديمة ما بين الأوس والخزرج ، محاولاً بذلك التقليل مِن أهميتهم وإسقاط مكانتهم أمام العالم العربي والإسلامي ، كما تعصّب لليمنيين على المصريين ، وأشعل نار الفتنة فيما بينهم حتّى لا تتحد لهم كلمة تضر بمصالح دولته.
وسار عمّال معاوية على وفق منهج سياسته التخريبية ، فكان زياد بن أبيه يضرب القبائل بعضها ببعض ، ويؤجج نار الفتنة فيما بينها حتّى تكون تحت مناطق نفوذه يقول ولهاوزن : وعرف زياد كيف يُخضع القبائل
__________________
(١) العقد الفريد ٢ / ٢٥٨ ـ ٢٥٩.