فقد خطب في يثرب أمام أبناء المهاجرين والأنصار فقال :
ألا وإنّي لا اُداوي أمر هذه الأُمّة إلاّ بالسيف حتّى تستقيم قناتكم ، وإنّكم تحفظون أعمال المهاجرين الأوّلين ، ولا تعملون مثل عملهم ، وإنّكم تأمروننا بتقوى الله وتنسون أنفسكم. والله ، لا يأمرني أحدٌ بتقوى الله بعد مقامي هذا إلاّ ضربت عنقه (١).
وحفل هذا الخطاب بالطغيان الفاجر على الأُمّة ، فهو لا يرى حلاً لأزماتها إلاّ بسفك الدماء وإشاعة الجور والإرهاب ، أمّا بسط العدل ونشر الدعة والرفاهية بين الناس فلمْ يفكّر به ، ولا دار بخلده ، ولا في خلد واحد مِن حكّام الاُمويِّين.
وتبنّى الحكم الاُموي في جميع أدواره اضطهاد الفقراء واحتقار الضعفاء. يقول المؤرّخون : إنّ بني أُميّة كانوا لا يسمحون للفقراء بالدخول إلى دوائرهم الرسمية إلاّ في آخر الناس.
يقول زياد بن أبيه لعجلان حاجبه : كيف تأذن للناس؟
ـ على البيوتات ، ثمّ على الأسنان ، ثمّ على الأدب.
ـ مَنْ تؤخر؟
ـ الذين لا يعبأ الله بهم.
ـ مَنْ هم؟
ـ الذين يلبسون كسوة الشتاء في الصيف ، وكسوة الصيف في الشتاء (٢).
__________________
(١) تاريخ ابن الأثير ٤ / ٣٣.
(٢) نهاية الإرب ٦ / ٨٦.