وزاد في عطائه ألف درهم (١).
وكانت هذه الظاهرة سائدة في جميع أدوار الحكم الاُموي ، فقد ذكر المؤرّخون : أنّ إسماعيل بن يسار كان زبيري الهوى ، فلمّا ظفر آلُ مروان بآل الزبير انقلب إسماعيل عن رأيه وأصبح مروانياً ، وقد استأذن على الوليد فأخّره ساعة ، فلمّا أذن له دخل وهو يبكي ، فسأله الوليد عن سبب بكائه ، فقال : أخّرتني وأنت تعلم مروانيتي ومروانية أبي! وأخذ الوليد يعتذر منه ، وهو لا يزداد إلاّ إغراقاً في البكاء ، فهّون عليه الوليد وأحسن صلته. فلمّا خرج تبعه شخص ممّن يعرفه ، فسأله عن مروانيته التي ادّعاها متى كانت ، فقال له : بغضنا لآل مروان ، وهي التي حملت أباه يسار في حال موته أنْ يتقرّب إلى الله بلعن مروان بن الحكم ، وهي التي دعت أُمّه أنْ تلعن آلَ مروان مكان ما تتقرّب به إلى الله مِن التسبيح (٢).
ونقل المؤرّخون بوادر كثيرة مِن ألوان هذا الخداع الذي ساد في تلك العصور ، وهو مِن دون شكّ مِن مُخلّفات سياسة معاوية الذي ربّى جيله على التذبذب والانحراف عن الحقّ.
وعُرِفَ معاوية بالخلاعة والمجون. يقول ابن أبي الحديد : كان معاوية أيّام عثمان شديد التهتك ، موسوماً بكلّ قبيح ، وكان في أيّام عمر يستر نفسه قليلاً خوفاً منه ، إلاّ إنّه كان يلبس الحرير والديباج ، ويشرب في
__________________
(١) التاج في أخلاق الملوك / ٥٥.
(٢) الأغاني ٤ / ١٢٠.