واستخفّ معاوية بكافة القيم الدينية ، ولمْ يعن بجميع ما جاء به الإسلام مِن الأحكام ، فاستعمل أواني الذهب والفضة ، وأباح الربا ، وتطيّب في الإحرام ، وعطّل الحدود (١) ، وقد أُلغيت معظم الأحكام الإسلاميّة في أغلب أدوار الحكم الاُموي ، وفي ذلك يقول شاعر الإسلام الكميت :
وعُطِلَتِ الأحكام حتّى كأنّنا |
|
على ملّةٍ غير التّي نتنحّلُ |
أأهلُ كتابٍ نحنُ فيه وأنتمُ |
|
على الحقّ نقضي بالكتابِ ونعدلُ |
كأنّ كتابَ الله يعني بأمرِه |
|
وبالنهي فيه الكوذني المركّلُ (٢) |
فتلك ملوكُ السُوء قد طال ملكُهمْ |
|
فحتّامَ حتّامَ العناءُ المطوّلُ |
وما ضَرَبَ الأَمثَالَ في الجَورِ قَبلَنا |
|
لأَجوَرَ من حُكَّامِنا المُتَمَثِّلُ (٣) |
واستخف معاوية بالمقدّسات الإسلاميّة واحتقرها. يقول الرواة : إنّه لمّا تغلّب قيل له : لو سكنت المدينة ؛ فهي دار الهجرة ، وبها قبر النّبي (صلّى الله عليه وآله). فقال : (قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُهْتَدِينَ) (٤).
واقتدى به في ذلك جميع بني أُميّة ، فقد انبرى يحيى بن الحكم إلى عبد الله بن جعفر فقال له : كيف تركت الخبيثة؟ ـ يعني مدينة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ـ فأنكر عليه ابن جعفر وصاح به :
__________________
(١) ذكرنا مصادر هذه الأحداث في الجزء الثاني مِن كتابنا (حياة الإمام الحسن (عليه السّلام».
(٢) الكوذني : البليد.
(٣) الهاشميات / ١١١.
(٤) المناقب والمثالب ـ القاضي نعمان المصري / ٧٠.