ورمّة بالية ، هلاّ طافوا بقصر أمير المؤمنين عبد الملك! ألا يعلمون أنّ خليفة المرء خير مِن رسوله؟! (١).
وهكذا كان جهاز الحكم الاُموي في كثيرٍ مِن أدواره ، فقد تنكّر للرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) وازدرى برسالته.
وعمد معاوية إلى تغيير الواقع الإسلامي المشرق الذي تبنّى الحركات النضالية والقضايا المصيرية لجميع الشعوب ، فأهاب بالمسلمين أنْ لا يقرّوا على كظّةِ ظالم ، ولا سغب مظلوم. وقد تبنّى هذا الشعار المقدّس الصحابي العظيم أبو ذر الغفاري الذي فهم الإسلام عن واقعه ، فرفع راية الكفاح في وجه الحكم الاُموي ، وطالب عثمان ومعاوية بإنصاف المظلومين والمضطهدين ، وتوزيع ثروات الأُمّة على الفقراء والمحرومين.
لقد أراد معاوية إقبار هذا الوعي الديني ، وإماتة الشعور بالمسؤولية ، فأوعز إلى لجان الوضع التي ابتدعها أنْ تفتعل الأحاديث على لسان المحرّر العظيم الرسول (صلّى الله عليه وآله) في إلزام الأُمّة بالخضوع للظلم ، والخنوع للجور ، والتسليم لما يقترفه سلطانها مِن الجور والاستبداد. وهذه بعض الأحاديث :
١ ـ روى البخاري بسنده عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال لأصحابه : (إنّكم سترون بعدي إثرةً واُموراً تنكرونها). قالوا : فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال : (أدّوا إليهم حقّهم ، واسألوا الله حقّكم) (٢).
٢ ـ روى البخاري بسنده عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال : (مَنْ
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١٥ / ٢٤٢.
(٢) صحيح البخاري ٨ / ٨٧.