واضطهدت الشيعة أيام معاوية اضطهاداً رسمياً في جميع أنحاء البلاد ، وقوبلوا بمزيد من العنف والشدّة ، فقد انتقم منهم معاوية كأشدّ ما يكون الانتقام قسوة وعذاباً ، فقد قاد مركبة حكومته على جثث الضحايا منهم ، وقد حكى الإمام الباقر (عليه السلام) صوراً مريعة من بطش الأمويين بشيعة آل البيت (عليهم السلام) يقول : «وقتلت شيعتنا بكل بلدة ، وقطعت الأيدي والأرجل على الظنّة ، وكان من يذكر بحبنا والانقطاع إلينا سجن أو نهب ماله أو هدمت داره» (١).
وتحدّث بعض رجال الشيعة إلى محمد بن الحنفية عمّا عانوه من المحن والخطوب بقوله : فما زال بنا الشين في حبكم حتى ضُربت عليه الأعناق ، وأبطلت الشهادات ، وشردنا في البلاد ، وأوذينا حتى لقد هممت أن أذهب في الأرض قفراً ، فأعبد الله حتى ألقاه ، لولا أن يخفى عليّ أمر آل محمد (صلى الله عليه وآله) وحتى هممت أن أخرج مع أقوام (٢) شهادتنا وشهادتهم واحدة على أمرائنا فيخرجون فيقاتلون (٣).
لقد كان معاوية لا يتهيب من الإقدام على اقتراف أية جرية من أجل أن يضمن ملكه وسلطانه ، وقد كانت الشيعة تشكّل خطراً على حكومته فاستعمل معهم أعنف الوسائل وأشدها قسوة من أجل القضاء عليهم ، ومن بين الإجراءات القاسية التي استعملها ضدهم ما يلي :
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ٣ / ١٥.
(٢) الأقوام : هم الخوارج.
(٣) طبقات ابن سعد ٥ / ٩٥.