وكان يزيد يبغض الأنصار بغضاً عارماً ؛ لأنّهم ناصروا النّبي (صلّى الله عليه وآله) وقاتلوا قريش ، وحصدوا رؤوسَ أعلامهم ، كما كانوا يبغضون بني أُميّة ، فقد قُتِلَ عثمان بين ظهرانيهم ولم يدافعوا عنه ، ثمّ بايعوا علياً وذهبوا معه إلى صفين لحرب معاوية ، ولمّا استشهد الإمام كانوا مِنْ أهم العناصر المعادية لمعاوية ، وكان يزيد يتميّز مِنْ الغيظ عليهم وطلب مِنْ كعب بن جعيل التغلبي أن يهجوهم فامتنع ، وقال له : أردتني إلى الإشراك بعد الإيمان ، لا أهجو قوماً نصروا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، ولكنْ أدلّك على غلامٍ منّا نصراني كان لسانه لسان ثور ـ يعني الأخطل ـ.
فدعا يزيد الأخطلَ وطلب منه هجاء الأنصار فأجابه إلى ذلك ، وهجاهم بهذه الأبيات المقذعة :
لعن الإلهُ مِن اليهودِ عصابةً |
|
ما بين صليصلٍ وبين صرارِ (١) |
قومٌ إذا هدرَ القصيرُ رأيتَهم |
|
حمراً عيونهم مِن المسطارِ (٢) |
خلّوا المكارمَ لستمُ مِن أهلها |
|
وخذوا مساحيكم بني النجّارِ |
إنّ الفوارسَ يعلمون ظهوركم |
|
أولادَ كلّ مقبّحٍ أكّازِ (٣) |
ذهبت قريشٌ بالمكارمِ كلّها |
|
واللؤم تحت عمائمِ الأنصارِ (٤) |
__________________
(١) صليصل وصرار : مِن الأماكن القريبة للمدينة.
(٢) المسطار : الخمر الصارعة لشاربها.
(٣) أكّاز : الحراث.
(٤) طبقات الشعراء / ٣٩٢.