لهذه الحروب التي تصوّر لنا الحياة السياسية والفكرية في ذلك العصر الذي أترعت فيه عواطف الكثيرين بحبّ المُلْك والسّلطان ، كما تصوّر لنا الأحقاد التي تكنّها القبائل القرشية على الإمام (عليه السّلام). ومِن المقطوع به أنّ هذه الأحداث قد ساهمت مساهمةً ايجابيةً في خلق كارثة كربلاء ؛ فقد نشرت الأوبئة الاجتماعية ، وخلقت جيلاً انتهازياً لا ينشد إلاّ مطامعه الخاصة. وفيما يلي ذلك :
وهم الذين نكثوا بيعتهم ، وخاسوا ما عاهدوا عليه الله في التضحية والطاعة للإمام ، فانسابوا في ميادين الباطل وساحات الضلال ، وتمرّسوا في الإثم. وقد أجمع فقهاء المسلمين على تأثيمهم ؛ إذ لمْ يكن لهم أيّ مُبرّر في الخروج على السّلطة الشرعية التي تبنّت المصالح العامّة ، وأخذت على عاتقها أنْ تسير بين المسلمين بالحقّ المحض والعدل الخالص ، وتقضي على جميع أسباب التخلّف في البلاد.
أمّا أعلام الناكثين فهم : طلحة والزبير ، والسيّدة عائشة بنت أبي بكر ، ومروان بن الحكم ، وسائر بني أُميّة ، وغيرهم مِن الذين ضاقوا ذرعاً مِنْ عدل الإمام (عليه السّلام) ومساواته.
والشيء المحقّق أنّه لمْ تكن للناكثين أيّة أهداف اجتماعية ، وإنّما دفعتهم مصالحهم الخاصة لنكث بيعة الإمام (عليه السّلام) ؛ فطلحة والزبير قد خفّا إليه بعد أنْ تقلّد الخلافة يطلبان منحهما ولاية البصرة والكوفة ، فلمّا خبا أملهما