وخطب في أهل الشام خطاباً أعلن فيه عن عزمه وتصميمه على الخوض في حرب مدمّرة مع أهل العراق ، وهذا نصه : يا أهل الشام ، فإنّ الخير لمْ يزل فيكم وسيكون بيني وبين أهل العراق حرب شديد ، وقد رأيت في منامي كأنّ نهراً يجري بيني وبينهم دماً عبيطاً ، وجعلت أجهد في منامي أنْ أجوز ذلك النهر فلمْ أقدر على ذلك حتى جاءني عبيد الله بن زياد فجازه بين يدي وأنا أنظر إليه.
وانبرى أهل الشام فأعلنوا تأييدهم ودعمهم الكامل له ، قائلين : يا أمير المؤمنين ، امضِ بنا حيث شئت واقدم بنا على مَنْ أحببت ، فنحن بين يديك وسيوفنا تعرفها أهل العراق في يوم صفين.
فشكرهم يزيد وأثنى على إخلاصهم وولائهم له (١) ، وقد بات من المقطوع به عند أوساط الشام أنّ يزيد سيعلن الحرب على أهل العراق لكراهتهم لبيعته وتجاوبهم مع الإمام الحُسين.
ولم يرق ليزيد أنْ يرى جبهة معارضة لا تخضع لسلطانه ولا تدين بالولاء لحكومته ، وقد عزم على التنكيل بها بغير هوادة ، فقد استتبت له الأمور وخضعت له الرقاب وصارت أجهزة الدولة كلّها بيده ، فما الذي يمنعه من إرغام أعدائه ومناوئيه؟
وأهم ما كان يفكّر به من المعارضين الإمام الحُسين (عليه السّلام) ؛ لأنّه يتمتّع
__________________
(١) الفتوح ٥ / ٦.