أظهرا السخط ، وخفّا إلى مكة لإعلان الثورة عليه وتمزيق شمل المسلمين ، وقد أدلى الزبير بتصريح أعرب فيه عن أهدافه ، فقد أقبل إليه وإلى طلحة رجل فقال لهما : إنّ لكما صحبةً وفضلاً فأخبراني عن مسيركما وقتالكما أشيء أمركما به رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؟ وسكت طلحة ، وأمّا الزبير فقال : حدّثنا أنْ ها هنا بيضاء وصفراء ـ يعني دراهم ودنانير ـ فجئنا لنأخذ منها (١). فمِنْ أجل الظفر بالمنافع المادّية أعلن الشيخان تمرّدها على حكومة الإمام (عليه السّلام).
وأمّا السيّدة عائشة فإنّها كانت تروم إرجاع الخلافة إلى أسرتها ، فهي أوّل مَنْ قدح زناد الثورة على عثمان ، وأخذت تُلْهِبُ المشاعر والعواطف ضده ، وكانت تقول : اقتلوا نعثلاً فقد كفر. وقد جهدت على ترشيح طلحة للخلافة ، وكانت تشيد به في كلّ مناسبة ، إلاّ أنّها أخيراً استجابت لعواطفها الخاصة المترعة بالودّ والحنان لابن اُختها عبد الله بن الزبير ، فرشّحته لإمارة الصلاة ، وقدّمته على طلحة. وأمّا بنو أُميّة فقد طلبوا مِن الإمام (عليه السّلام) أنْ يضع عنهم ما أصابوا مِن المال في أيّام عثمان ، فرفض الإمام (عليه السّلام) أنْ يضعَ عنهم ما اختلسوه مِنْ أموال الأُمّة ، فاظهروا له العداء ، وعملوا على إثارة الفتنة والخلاف.
وعلى أيّ حالٍ ، فإنّه لمْ تكن للناكثين نزعة إصلاحية أو دعوة إلى الحقّ ، وإنّما كانت بواعثهم الأنانية والأطماع ، والأحقاد على الإمام (عليه السّلام) الذي هو نفس رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وباب مدينة علمه.
__________________
(١) أنساب الأشراف ١ / ق ١.