وعهد الإمام بوصيته الخالدة إلى أخيه ابن الحنفيّة ، وقد تحدّث فيها عن أسباب ثورته الكبرى على حكومة يزيد ، وقد جاء فيها بعد البسملة : «هذا ما أوصى به الحُسين بن علي إلى أخيه محمّد بن الحنفيّة ، إنّ الحُسين يشهد أنْ لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله جاء بالحقّ مِنْ عنده ، وأنّ الجنّة حقّ ، والنار حقّ ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث مَنْ في القبور.
وإنّي لمْ أخرج أشِرَاً ولا بطراً ، ولا مفسداً ولا ظالماً ، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي (صلّى الله عليه وآله) ؛ أُريد أنْ آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، وأسير بسيرة جدّي وأبي علي بن أبي طالب ، فمَنْ قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ ، ومَنْ ردّ عليّ أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين. وهذه وصيتي إليك يا أخي ، وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكّلت وإليه أُنيب» (١).
من أجل هذه الأهداف النبيلة فجّر الإمام ثورته الخالدة ، فهو لمْ يخرج أشِرَاً ولا بطراً ، ولمْ يبغِ أيّ مصلحة مادية له أو لأُسرته ، وإنّما خرج على حكم الظلم والطغيان ، يريد أنْ يُقيمَ صروح العدل بين الناس ، وما أروع قوله : «فمَنْ قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ ، ومَنْ ردّ عليّ أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين».
لقد حدّد الإمام خروجه بأنّه كان من أجل إحقاق الحقّ ، وإماتة الباطل
__________________
(١) الفتوح ٥ / ٣٣ ، مقتل الخوارزمي ١ / ١٨٨.