وكشف هذا الشعر عن العقيدة الجاهلية التي كان يدين بها يزيد ، فهو لمْ يؤمن بوحي ولا كتاب ولا جنّة ولا نار ، وقد رأى السّبط أنّه إنْ لمْ يثأر لحماية الدين فسوف يجهز عليه حفيد أبي سفيان ويجعله أثراً بعد عين ، فثار (عليه السّلام) ثورته الكبرى التي فدى بها دين الله ، فكان دمه الزاكي المعطر بشذى الرسالة هو البلسم لهذا الدين ، فإنّ من المؤكد أنّه لولا تضحيته لمْ يبقَ للإسلام اسم ولا رسم ، وصار الدين دين الجاهلية ودين الدعارة والفسوق ، ولذهبت سدى جميع جهود النّبي (صلّى الله عليه وآله) وما كان ينشده للناس من خير وهدى.
وقد نظر النّبي (صلّى الله عليه وآله) من وراء الغيب واستشفّ مستقبل أُمّته ، فرأى بعين اليقين ما تُمْنى به الأُمّة من الانحراف عن الدين ، وما يصيبها من الفتن والخطوب على أيدي أُغيلمة مِنْ قريش ، ورأى أنّ الذي يقوم بحماية الإسلام هو الحُسين (عليه السّلام) ، فقال (صلّى الله عليه وآله) كلمته الخالدة : «حُسين منّي وأنا مِنْ حُسين» ، فكان النّبي (صلّى الله عليه وآله) حقّاً من الحُسين ؛ لأنّ تضحيته كانت وقاية للقرآن ، وسيبقى دمه الزكي يروّي شجرة الإسلام على ممرّ الأحقاب والآباد.
ومن ألمع الأسباب التي ثار من أجلها الإمام الحُسين (عليه السّلام) تطهير الخلافة الإسلاميّة من أرجاس الاُمويِّين الذين نزوا عليها بغير حقّ ، فلمْ تَعُدْ الخلافة في عهدهم كما يريدها الإسلام وسيلة لتحقيق العدل الاجتماعي بين الناس ، والقضاء على جميع أسباب التخلّف والفساد في الأرض.
لقد اهتم الإسلام اهتماماً بالغاً بشأن الخلافة ؛ باعتبارها القاعدة الصلبة لإشاعة الحقّ والعدل بين الناس ، فإذا صلحت نَعِمَتِ الأُمّة بأسرها ،