وهيهات منّا الذلّة ، يأبى الله لنا ذلك ورسوله ، ونفوسٌ أبيّة وأنوفٌ حميّة مِنْ أنْ نؤثرَ طاعة اللئام على مصارع الكرام». وقال (عليه السّلام) : «لا أرى الموت إلاّ سعادة ، والحياة مع الظالمين إلاّ برماً».
لقد عانق الموت بثغر باسم في سبيل إبائه وعزّته ، وضحّى بكلّ شيء مِنْ أجل حريته وكرامته.
وأيقن الإمام الحُسين (عليه السّلام) أنّ الاُمويِّين لا يتركونه ، ولا تكفّ أيديهم عن الغدر والفتك به حتّى لو سالمهم وبايعهم ، وذلك لما يلي :
١ ـ إنّ الإمام كان ألمع شخصية في العالم الإسلامي ، وقد عقد له المسلمون في دخائل نفوسهم خالص الودّ والولاء ؛ لأنّه حفيد نبيّهم وسيد شباب أهل الجنّة ، ومِن الطبيعي أنّه لا يروق للأمويين وجود شخصية تتمتّع بنفوذ قوي ومكانة مرموقة في جميع الأوساط ، فإنّها تشكّل خطراً على سلطانهم وملكهم.
٢ ـ إنّ الاُمويِّين كانوا حاقدين على النّبي (صلّى الله عليه وآله) ؛ لأنّه وترهم في واقعة بدر وألحق بهم الهزيمة والعار ، وكان يزيد يترقّب الفرص للانتقام مِنْ أهل بيت النبي (صلّى الله عليه وآله) ؛ ليأخذ ثاراث بدر منهم.
ويقول الرواة إنّه كان يقول :
لستُ مِنْ خندفَ إنْ لمْ أنتقمْ |
|
مِنْ بني أحمدَ ما كان فعلْ |
ولمّا استوفى ثاره وروّى أحقاده بإبادتهم ، أخذ يترنّم ويقول :
قد قتلنا القرمَ مِنْ ساداتهمْ |
|
وعدلناه ببدرٍ فاعتدلْ |