حياة الناس مِنْ تضحيته (عليه السّلام) ، فقد بقيت صرخة مدوّية في وجوه الظالمين والمتسبدّين.
وأقدم أبو الشهداء (عليه السّلام) على أعظم تضحية لمْ يقدّمها أيّ مصلح اجتماعي في الأرض ، فقد قدّم أبناءه وأهل بيته وأصحابه فداءً لما يرتأيه ضميره مِنْ تعميم العدل وإشاعة الحقّ والخير بين الناس.
وقد خطّط هذه التضحية وآمن بأنّها جزء مِنْ رسالته الكبرى ، وقد أذاع ذلك وهو في يثرب حينما خفّت إليه السيّدة أم سلمة زوج النّبي تعدله عن الخروج ، فأخبرها عن قتله وقتل أطفاله. وقد مضى إلى ساحات الجهاد وهو متسلّح بهذا الإيمان ، فكان يشاهد الصفوة مِنْ أصحابه الذين هم مِنْ أنبل مَنْ عرفتهم الإنسانية في ولائهم للحقّ وهم يتسابقون إلى المنيّة بين يديه ، ويرى الكواكب مِنْ أهل بيته وأبنائه وهم في غضارة العمر وريعان الشباب وقد تناهبت أشلاءهم السيوفُ والرماحُ ، فكان يأمرهم بالثبات والخلود إلى الصبر قائلاً : «صبراً يا بني عمومتي ، صبراً يا أهل بيتي ، لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم أبداً».
واهتزّت الدنيا مِنْ هول هذه التضحية التي تمثّل شرف العقيدة وسموّ القصد ، وعظمة المبادئ التي ناضل مِنْ أجلها ، وهي من دون شك ستبقى قائمة على ممرّ القرون والأجيال تضيء للناس الطريق ، وتمدّهم بأروع الدروس عن التضحية في سبيل الحقّ والواجب.