منه العلم والحديث وذاك يقتبس مِنه الحكم النافعة والكلم الجامعة ؛ ليهتدي بأنوارهما في ظلمات الحياة (١) ، ولم يترك الإمام ثانية مِنْ وقته تمرّ دون أنْ يبثّ الوعي الاجتماعي ، ويدعو إلى اليقظة والحذر مِن السياسة الاُمويّة الهادفة إلى استعباد المسلمين وإذلاهم.
وكان ابن الزّبير لاجئاً إلى مكّة فراراً مِن البيعة ليزيد ، وقد ثقل عليه اختلاف الناس على الإمام الحُسين (عليه السّلام) وإجماعهم على تعظيمه وتبجيله وزهد الناس وانصرافهم عنه ؛ لأنّه لمْ يكن يتمتع بصفة محبوبة ولا بنزعة كريمة.
يقول زيد بن علي الجذعاني : وكانت فيه خلال لا تصلح معها الخلافة ؛ لأنّه كان بخيلاً ضيّق العطن (٢) ، سيّئ الخُلُق ، حسوداً كثير الخلاف. أخرج محمّد بن الحنفيّة ونفى عبد الله بن عباس إلى الطائف (٣).
ومِنْ مظاهر ذاتياته الشحّ والبخل ، وفيه يقول الشاعر :
رأيتُ أبا بكر وربُّك غالبٌ |
|
على أمره يبغي الخلافةَ بالتمرِ (٤) |
وقد عانى الشعب في أيّام حكمه القصير الجوع والحرمان ، كما عانت الموالي التي بالغت في نصرته أشدّ ألوان الضيق ، وقد عبّر شاعرهم عن خيبة أملهم في نصرته يقول :
__________________
(١) نهضة الحسين / ٧٣.
(٢) العطن : مبرك الإبل ، ومربض الغنم.
(٣) فوات الوفيات ١ / ٤٤٨.
(٤) المعارف ـ ابن قتيبة / ٧٦.