لقد جاء الإمام (عليه السّلام) عائذاً ببيت الله الحرام الذي مَنْ دخله كان آمناً ، وكان محصناً مِنْ كلّ ظلم واعتداء.
ولمْ يحفل الأشدق بكلام الإمام ، وإنّما رفع رسالة إلى يزيد أحاطه بها علماً بمجيء الإمام إلى مكّة ، واختلاف الناس إليه وازدحامهم على مجلسه وإجماعهم على تعظيمه ، وأخبره إنّ ذلك يشكّل خطراً على الدولة الاُمويّة.
واضطرب يزيد كأشدّ ما يكون الاضطراب حينما وافته الأنباء بامتناع الحُسين عن بيعته ، وهجرته إلى مكّة واتّخاذها مركزاً لدعوته ، وإرسال العراق الوفود والرسائل إلى الدعوة لبيعته ، فكتب إلى عبد الله بن عباس رسالة ، وهذا نصها :
أمّا بعد ، فإنّ ابن عمّك حُسيناً ، وعدو الله ابن الزّبير التويا ببيعتي ولحقا بمكة مرصدين للفتنة ، معرّضين أنفسهما للهلكة ؛ فأمّا ابن الزّبير فإنّه صريع الفنا وقتيل السيف غداً ، وأمّا الحُسين فقد أحببت الأعذار إليكم أهل البيت ممّا كان منه ، وقد بلغني أنّ رجالاً مِنْ شعيته مِن أهل العراق يكاتبونه ويكاتبهم ، ويمنّونه الخلافة ويمنّيهم الإمرة ، وقد تعلمون ما بيني وبينكم مِن الوصلة وعظيم الحرمة ونتائج الأرحام ، وقد قطع ذلك الحُسين وبتّه ، وأنت زعيم أهل بيتك وسيد بلادك ، فالقه فاردده عن السعي في الفتنة ، فإنْ قبل منك وأناب فله عندى الأمان والكرامة الواسعة ، وأجري عليه ما كان أبي يجريه على أخيه ، وإنْ طلب الزيادة فاضمن له ما أدّيك ، وأنفّذ ضمانك وأقوم له بذلك