منزله ، والاُخرى : قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : «إنّ الإيمان قيد الفتك ؛ لا يفتك مؤمن».
فقال له شريك : أما والله ، لو قتلته لاستقام لك أمرك واستوسق لك سلطانك (١).
ولم يلبث شريك بعد الحادثة إلاّ ثلاثة أيّام حتّى توفي ، فصلّى عليه ابن زياد ودفنه بالثوية. ولمّا تبين له ما دبّره له شريك طفق يقول : والله ، لا أصلّي على جنازة عراقي ، ولولا أنْ قبر زياد فيهم لنبشت شريكاً (٢).
ويتساءل الكثيرون مِنْ الناس عن موقف مسلم ، فيلقون عليه اللوم والتقريع ويحمّلونه مسؤولية ما وقع مِن الأحداث ؛ فلو اغتال الطاغية لأنقذ المسلمين مِنْ شرٍّ عظيمٍ وما مُنِيَ المسلمون بتلك الأزمات الموجعة التي أغرقتهم في المحن والخطوب.
أمّا هذا النقد فليس موضوعيّاً ولا يحمل أي طابع مِن التوازن والتحقيق ؛ وذلك لعدم التقائه بسيرة مسلم ولا بواقع شخصيته ، فقد كان الرجل فذّاً مِنْ أفذاذ الإسلام في ورعه وتقواه وتحرّجه في الدين ، فقد تربى في بيت عمّه أمير المؤمنين (عليه السّلام) وحمل اتّجاهاته الفكرية ، واتّخذ سيرته المشرقة منهاجاً يسير على أضوائها
__________________
(١) الأخبار الطوال / ٢١٤ ، وفي تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٧٠ أنّ هانئاً قال لمسلم : لو قتلته لقتلتَ فاسقاً فاجراً ، كافراً غادراً. وذكر ابن نما أنّ امرأةَ هانئ تعلّقت بمسلم ، وأقسمت عليه بالله أنْ لا يقتل ابن زياد في دارها ، فلمّا علم هانئ قال : يا ويلها! قتلتني وقتلت نفسها ، والذي فرّت منه وقعت فيه.
(٢) تاريخ الطبري ٦ / ٢٠٢ ، الأغاني ٦ / ٥٩.